أبناء مدن وقرى الجنوب يدفعون ضريبة الصمود وشرف الدين ﻟـ  «الشرق» تراجع الحركة السياحية في صور بنحو 70% والمؤسسات تعمل بثلث طاقتها

36

كتبت ريتا شمعون

الشرق – رغم كل الأوضاع الموجودة في لبنان، واستعراض القوة بين حزب الله واسرائيل من الحدود الى قبرص، لم تنعدم السياحة في لبنان، وهو أمر جيد يعكس صلابة هذا القطاع لا سيما إذا ما قورن بالعام الماضي، كما ان هذا القطاع بثقة يتمتع اللبنانيين لقناعتهم أنه مهما حصل فإن لبنان ينتظر من المغتربين أن يحركوا نشاط القطاع السياحي، سيما في المطاعم والمقاهي والشاليهات وبيوت الضيافة.

لا يوحي مشهد المطاعم والمقاهي في عدد كبير من المناطق اللبنانية، بوجود ازمة اقتصادية مالية، وبأحداث أمنية في جنوب لبنان تتسع لتطال مناطق أخرى تستهدف للمرة الأولى بقصف اسرائيلي الأسبوع الماضي تبعد 25 كلم عن الحدود. أما الغريب في المشهد، فهو التناقض الذي نراه، فبينما تشتعل الإشتباكات والقصف المتبادل في الجنوب اللبناني ونرى شعبا يعاني من تردّي الأوضاع الإقتصادية ويشتكي من القصف والدمار والنزوح وعدم توفر الأمن والأمان، نجد بلدا آخر منفصلا تماما عن ما يجري على أرضه يحتضن الإحتفالات والسهرات بملايين الدولارات، وكأننا « أمام بلدين ونظامين رغم ان الشعب واحد».  وقبل جولتنا في مدينة « ملكة البحار» صور، تجهد مجموعات وحسابات اسرائيلية في حملة ممنهجة تعمد الى بث الشائعات حول رحيل جماعي سواء للأجانب أو للبنانيين من لبنان، توقيت هذه الحملة مقصود على ابواب الصيف، والحسابات الداخلية التي تشارك هذه الحملة عن سوء نية أو بدون قصد تساهم في الحرب النفسية الإسرائيلية على لبنان، ما اضطر وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد مكاري أن يؤكد أن هذه الأخبار لا أساس لها من الصحة، وهي تندرج في إطار الحرب النفسية التي غالبا ما يلجأ اليها العدو الإسرائيلي ويغذيها بمختلف الوسائل. أما على خلفية الحديث عن اقفال قبرص أبوابها أمام لبنان إثر تحذيرات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، فيؤكد رئيس أصحاب مكاتب السياحة والسفر في لبنان جان عبود أنه تمّ التواصل مع السفارة القبرصية، والأمور جيدة ولا خوف من ان تقفل أبوابها أمام اللبنانيين، خصوصا أن السياح اللبنانيين يشكلون عنصرا مهما للإقتصاد القبرصي خلال موسم الصيف.

ابراهيم شرف الدين الذي يملك عددا من المؤسسات السياحية في مدينة صور يرغب في أن تنتهي الحرب وتعود صور المدينة السياحية الأولى في لبنان والتي تعتبر من أهم المدن السياحية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، مشيرا الى أن عيد الأضحى مرّ بهدوء وسلام.

لكنه أكد، أن الحركة السياحية في مدينة صور تراجعت بنحو 70% مقارنة مع العام الماضي وذلك بسبب الحرب في الجنوب، ويقول من كان ينتظر عيد الأضحى للمجيء الى صور بات يسمع في الآونة الأخيرة عن استهداف بعض قرى صور التي تبعد حوالى 25 كلم عن المناطق الحدودية «الساخنة»، الأمر الذي عكّر كل شيء، لكن هذا لا يعني وجود مشهد قاتم كليا، إنما هناك تفاوتا  إذ شكّل العيد فرصة للمّ شمل العائلات فقصد مدينة صور القاطنون  خارج المدينة وفي العاصمة بيروت  لقضاء فترة العيد بالإضافة الى عدد من المغتربين، ومع ذلك تراجع عدد الوافدين الى صور بنسبة 50% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. مضيفا: حتى البلدات الحدودية  الواقعة على خط المواجهة التي غادرها أهلها وعلى الرغم من الحرب المستمرة، ما فتىء عدد من ابناء هذه القرى يزورون قراهم التي استطاعوا الوصول اليها. ويتابع شرف الدين، حاليا وبسبب الظروف القائمة أضحى الوضع مختلفا تماما عما كان عليه خلال الأعوام الماضية، نحن ندفع يوميا ضريبة وجودنا هنا، بالقرب من الكيان الصهيوني.

وفي هذا السياق، يتوقع أن يكون الواقع السياحي في الجنوب خصوصا صور، معدوما هذا الصيف بسبب العدوان الإسرائيلي، وسيلفظ أنفاسه الأخيرة إذا توسعت الحرب. وفي حديثه عن السياحة، يقول، مرّت على لبنان في السنوات الأخيرة صعوبات ومشاكل عديدة، وتأثرت السياحة لكن اللبناني يصرّ على السياحة الداخلية التي تنتعش في المواسم، فاللبناني باستطاعته ولو كانت أحواله ضيقة، أن يزور معالم دينية ومطاعم بالحدّ الأدنى، والمناطق النائية التي لم تكن على الخارطة السياحية سابقا، حيث خلقت السياحة الداخلية منافسة المناطق مع بعضها. مشيرا الى أن مدينة صور كانت واحدة من اهم المدن السياحية اللبنانية التي تتربع اليوم على عرش السياحة الداخلية، إذ وجد اللبناني  فيها متنفسا له، أكان من ناحية الحارات القديمة أو شاطئها الذي يقصده اللبنانيون بشكل أسبوعي من بيروت، لافتا الى أن هذا التوتر جاء بعد صيف شهد حركة سياحية اعتمدت بالدرجة الأولى على المغتربين اللبنانيين، لكن للأسف، صور  تستقبل اليوم الآلاف من النازحين بعد تصاعد الإشتباكات بالإضافة الى ابناء صور الذين يقصدونها للإطمئنان على عائلاتهم. ولفت شرف الدين، الى ان القطاعات السياحية والتجارية  في المدينة تأثرت بتداعيات الحرب، ففي حين قلّصت العديد من المؤسسات السياحية حجم أشغالها، بالكاد تعمل بثلث طاقتها، قد تكون صور او صيدا الأقل تضررا من الحرب من المناطق الحدودية. وعلى الرغم من التهديدات الإسرائيلية الأخيرة، يستبعد شرف الدين،  توسع رقعة الحرب، لكن استمرار الوضع  الأمني كما هو عليه اليوم ، مثير للقلق، مشيرا الى ان الخسائر الإقتصادية والتجارية تتزايد يوميا، ما لم يتم التوصل الى حلّ، قائلاً: نحن بحاجة الى الإصغاء لصوت الله كي يبدل خوفنا الى شجاعة وللعناية الإلهية لوقف الحرب الدائرة في غزة وجنوب لبنان.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.