الأكثر عطالة والأكثر دخلاً (1)
من أسف أنّ لبنان المصنّف «دولة ديموقراطية» هو من أكثر الدول خرقاً لهذه «الديموقراطية»… خصوصاً لجهة عدم الفصل بين السلطات الرئيسية الثلاث، التنفيذية والتشريعية والقضائية… وباتت هذه السلطات متداخلة بحيث لم يعد بالإمكان المراقبة والمساءلة والمحاسبة، التي هي من صلب صلاحيات مجلس النواب الى جانب صلاحية التشريع… وابتعدت القيادات السياسية اللبنانية سلوكيات، بات يستحيل معها تنفيذ مبدأ، المراقبة، والمساءلة والمحاسبة، الذي ينتهي عادة بإعطاء الثقة أو تجديدها أو بحجبها عن المجموع أو عن أفراد في الحكومات… فبات شعار «فيك الخصام وأنت الخصم والحكم» هو الشعار السائد وبات مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث حلماً في «ليلة قدر..»…
حاول رئيس الحكومة سعد الحريري خرق هذه «الإبداعات» عبر قراره الفصل بين النيابة والوزارة، وقد نجح نسبياً في ذلك إلاّ أنّ الأفرقاء السياسيين في غالبيتهم الساحقة لم يذهبوا في هذا الخيار.. فبات مجلس الوزراء نموذج مصغّر عن البرلمان الذي سجل أعلى الأرقام القياسية في التخلي عن دوره ومهماته؟!
في قناعة عديدين، أنّ مجلس النواب، الذي يمثل الطبقة السياسية الأكثر ثراء في البلد، هو الأكثر عطالة عن العمل والإنتاج والأكثر دخلاً مالياً… وبالعودة الى السنوات السابقة يتبيّـن أنّ مجلس النواب، ولفترة طويلة، كان موقوفاً عن القيام بأبسط واجباته… والبلد يعاني الأمرين، وهو اليوم أمام تحدّ بالغ الأهمية، في ظل حكومة «تصريف الأعمال» و«كل مين إيدو إلو» من الأفرقاء السياسيين وعلى مستوى الإدارات ومؤسسات الدولة كافة…
(يتبع)