الاعتداءات الإيرانية على الأميركيين في لبنان
كتب عوني الكعكي:
تاريخ الاعتداءات الإيرانية مع حلفائها في لبنان على الاميركيين تاريخ طويل يعود الى العام 1983 يوم تفجير السفارة الاميركية في 18 نيسان 1983 بمنطقة عين المريسة حيث اقتحمت المبنى سيارة من نوع «بيك آب» تحمل لوحة ديبلوماسية مزوّرة مفخخة بحوالى نصف طن من مادة T.N.T.
ودمّر التفجير الجناح الشرقي للسفارة، ويروي شهود عيان أنّ طبقات المبنى الست ظلّت تتهاوى طيلة ساعة بعد الانفجار الذي أدّى الى مقتل الرئيس الزائر لفرع التحليل في الشرق الأوسط التابع لوكالة المخابرات المركزية الاميركية و16 أميركياً بينهم 8 من كبار موظفي الوكالة وعدد من جنود المارينز بالاضافة الى 47 موظفاً آخرين، كما أدّى الى إصابة 122 مواطناً لبنانيين بإصابات مختلفة.
لقد اعتبرت الأوساط الاميركية ان التفجير هو «الأكثر دموية على بعثة ديبلوماسية أميركية على الإطلاق، وأدّى الى تغيير الطريقة التي تؤمّن فيها وزارة الخارجية كوادرها وبعثاتها في الخارج»، وعلى المقلب الآخر استهدف التفجير أكبر «وكر» للتجسّس والاستخبارات في لبنان والمنطقة، فيوم التفجير تزامن مع انعقاد اجتماع يضم شخصيات رفيعة المستوى في الوكالة المركزية للاستخبارات الاميركية في السفارة.
واتهمت الإدارة الأميركية الجمهورية الاسلامية الايرانية وحزب الله بتنفيذ العملية، علماً ان الحزب آنذاك لم يكن بعد قد أعلن عن تأسيسه رسمياً، كما اتهمت مجموعة من المجاهدين تحت اسم «الجهاد الاسلامي» بتنفيذ العملية، وتصدّر اسم القائد عماد مغنية التقارير الاميركية.
لقد شكل التفجير الضربة الأولى للوجود الاميركي في لبنان، ففي 23 تشرين الأول من العام نفسه استهدف تفجير آخر مقر «المارينز» ما أدّى الى قتل أكثر من 230 جندياً.
ولم يمنع انتقال السفارة الاميركية -الى منطقة أكثر «تحصيناً»- في عوكر من استهدافها حيث أنّ تفجيراً ثانياً وقع في أيلول العام 1984، أسفر عن مقتل 11 شخصاً وإصابة 58 آخرين، وبعد 3 سنوات من التهديدات الأمنية أغلقت السفارة الاميركية أبوابها في بيروت قسراً، ثم أعادت فتح أبوابها في تشرين من العام 1990.
العملية الثانية كانت ضد مقر قوات المارينز، أي مشاة البحرية الاميركية قرب مطار بيروت، وقد وُضعت مكافأة قدرها 5 ملايين دولار أميركي لمن يعطي معلومات عن العملية.
ومن المعلوم أنّ عملية التفجير هذه جرت في 23 تشرين الأول 1983 حيث انفجرت شاحنة مفخخة في المجمع السكني حيث كان يقيم أعضاء أميركيون وفرنسيون أيضاً.
وكانت القوة المتعددة الجنسيات موجودة في لبنان كجزء من جهد دولي لحفظ السلام… وأسفر الهجوم عن مقتل 241 عسكرياً أميركياً وإصابة 128 آخرين، وفي وقت لاحق من ذلك اليوم قتل 58 جندياً فرنسياً في هجوم مماثل على مبنى مجاور… ويعتقد أنّ حزب الله هو الذي نظم الهجوم وأنه كان قام بهذا العمل بدعم وتمويل من إيران.
أكتفي بهذين النموذجين من الاعتداءات الايرانية على الاميركيين كأشخاص وكمبنى سفارة، لأذكّر بأنّ ما حصل في التاريخ القريب هو أنّ الجهة الوحيدة التي اعتدت على الاميركيين في لبنان هي إيران وجماعاتها.
وهناك أيضاً عمليات الخطف التي تمّت في بيروت، حيث نُقِل المخطوفون الى إيران. وسوف نخصّص أيضاً «مقالة» ثانية عن عمليات الخطف هذه، حيث تبيّـن أنّ تاريخ إيران في لبنان هو تاريخ خطف وقتل وتفجير في الوقت نفسه، يَشْكر السيّد حسن نصرالله الجمهورية الاسلامية في إيران على دعمها للمقاومة التي بفضلها حررت لبنان.. ولكن الأهم ان بنتيجة هذا الفضل تحوّل لبنان الى بلد من الماضي… فهو كان في خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي أي من عام 1950 الى 1980 درّة الشرق، فأصبح اليوم على ما هو عليه.
أكتفي بالقول إنّ الدولار الاميركي كان يسعر بليرتين ونصفاً… بينما أصبح بفضل إيران وجماعاتها يعادل 90 ألف ليرة لبنانية، ويكفي هذا الرقم لنرى ماذا فعلوا بلبنان من دون أن ننسى أنّ الاعتداء الذي حصل منذ يومين على السفارة الاميركية في بيروت هو رسالة واضحة ومعروف من أرسلها ولمن أراد إرسالها.
باختصار تقول الرسالة لأميركا، «إذا كنتم تريدون رئيساً للجمهورية في لبنان فعليكم أن تأخذوا موافقة الجمهورية الاسلامية في إيران وكل غير ذلك هو مضيعة للوقت».