التخمينات حول الاقتصاد العالمي سنة 2023

40

بقلم مروان اسكندر

التقديرات حول مستويات النشاط الاقتصادي عالميًا خلال هذه السنة متفاوتة في تقدير انحسار انجازات بعض البلدان، وتحسن التقديرات لبلدان اخرى، والولايات المتحدة تحاول كبح التضخم حتى ولو كان ذلك على حساب توافر فرص العمل علمًا بان مجالات العمل لا زالت تستوعب نسبة مرتفعة من مجموع السكان.

بالعكس عن الحذر والتشاؤم في البلدان المتطورة تركيز على نشاط ثلاث دول رئيسية للنشاط الاقتصادي العالمي وهي الهند، والصين والسعودية. وقد تبدى مؤخرًا فرص نمو مقبولة لألمانيا، وبلدان العالم الثالث غارقة في التشاؤم.

 

البلد المقدر ان يرتفع دخله القومي بنسبة 8% عام 2023 هو الهند لاسباب متعددة منها ان الهند تحدث صناعتها للسيارات، واستعمال وسائل انتاج الكهرباء من مصادر غير الفحم ومشتقات النفط، ومداخيل الهنود العاملون في الخارج، خاصة منطقة الخليج مرتفعة واصبح للهند شركات دولية في صناعات وخدمات متطورة. فالهند على سبيل المثال تستقطب عدد كبير من السياح، والشركات الهندية في مجال تطوير برامج الذكاء الاصطناعي ناجحة على نطاق عالمي، وفي انتاج السيارات المعروفة خارج الهند لهم موقع مميز. فالشركات الهندية تملك شركتي انتاج سيارات الجاغوار وسيارات الرانج روفر في بريطانيا، وربما من المفيد ان نذكر ان رئيس الوزراء البريطاني كان يعمل في مجال النشاط الاقتصادي لبنوك الاعمال في بريطانيا وحقق نتائج جعلته من اصحاب الثروات الكبيرة، هذا بالاضافة الى والده الذي يعتبر ثريًا الى حد يتجاوز المليار دولار وهو يعيش في كاليفورنيا، وثروته تحققت من تأسيسه لمعهد علمي جامعي اختصاصي بالذكاء الاصطناعي وتطوير البرامج التي يتوسع استعمالها عامًا بعد عام، وجامعته في الهند تستقطب مئات الطلاب الاجانب الساعين للتميز في مجالات برامج الذكاء الاصطناعي.

منذ 15 سنة انجز استاذًاً في جامعة هارفرد اختصاصي بعلم الاقتصاد كتاب بعنوان The Best and The Brightest، اي المتميزون والمبدعون، وارسى دراسته على تفحص مستويات الانجاز لجميع التلامذة المتابعين لشهادة الدكتوراه في الولايات المتحدة، وقد توصل الى النتائج التي ظهرت في كتابه الى النتائج التالية على جدول الذكاء والانتاج.

الموقع الاول، احتله الهنود الذين اظهروا قدرة مميزة على متابعة دراسات برامج الذكاء الاصطناعي وقد اصبحوا يسجلون اكبر عدد من الابتكارات في هذا المجال.

الموقع الثاني، كان للصينيين الذين كانوا قد تميزوا في الولايات المتحدة،  ومع انقضاء سنوات على تميزهم اصبح عدد العلماء الصينيين الذين يعودون الى بلادهم للعمل يفوق عددهم ممن يستقرون في الولايات المتحدة وكندا، والصين كانت سبقت الهند في هذا الاختصاص لولا تعرضها لنكسة في معالجة انتشار الكورونا والعودة من السياسة الخاطئة لاحتواء المرض.

 

المرتكز الثالث، احتله اليابانيون. ومعلوم ان اليابان كانت سباقة في تطوير صناعات الهواتف، والساعات الكهربائية، والسيارات الاقتصادية وحجم سوقها المالي حيث اليابانيون يسلفون الدولة الاموال المقتصدة دون حيازة فوائد مشجعة ويضبطون نسب التضخم. وكانت اليابان اول دولة في محور بلدان الشرق الاقصى تحقق معدلات دخل فردي مرتفعة واسرف اليابانيون في الاستثمار في الولايات المتحدة عقاريًا وفي المشاركة بإنتاج الافلام بعد شراء كبريات شركات الافلام في اميركا.

 

الموقع الرابع، احتله الفرنسيون الذين يستفيدون من برنامج دراسي على المستوى الجامعي يركز على العلوم التقنية والمحاسبية، واول من اخترع ما يسمى بالانترنت كان شابًا فرنسيًا اضاع فرصة تحقيق ثروة كبرى حينما باع اختراعه لمنتجات الانترنت لقاء مليون دولار فقط، والامر المهم لفرنسا ان نظامها العلمي يشجع على اتقان العلوم المتقدمة في مجال الهندسة الميكانيكية والعلاجات من الامراض الخطيرة.

حاز كتاب الاستاذ الاميركي على اهتمام عالمي ولقي انتقادًا مريرًا من الطائفة اليهودية حيث اعتبروا ان غيابهم عن التقدير يعود لاسباب عرقية، فكان جوابه انه يهودي ويفتخر بديانته، وان نتائج استقصائه واضحة. فلكل من يريد نقضها عليه ان ينجز دراسات اوسع واعمق والحقيقة ان حدسه كان في محله، فالهنود والصينيون، واليابانيون حققوا اعلى واسرع نسب من التطور في تكريس الذكاء الاجتماعي في مؤسساتهم.

 

هنا نعود الى توقع نجاح ثلاث اقتصاديات عالميًا عام 2023، الهند بنسبة 8%، الصين بنسبة 6%، السعودية بنسبة 8.8%، وربما المانيا بنسبة 2% وقد بدأت تظهر مؤشرات على النمو الالماني الذي كان قد تبخر بسبب الازمات الصحية والحرب الروسية على اوكرانيا ومقاطعة شركات المانية عديدة للعمل في روسيا.

 

ارتفاع معدل نمو السعودية حتى عن الهند يعود الى تركز المملكة على تكريس الحداثة في الانتاج والتعليم وتوسيع المشاركات في الشركات العالمية، وتحقيق انجازات تجهيزية ذات اهمية دولية، مثل تحقيق افضل اتصالات انترنت في العالم، وثاني افضل تجهيز عالمي لخدمات الهاتف المحمول، وتامين معالجات طبية متقدمة والانفتاح على التكنولوجيات التي تسهم في الحفاظ على البيئة مثل الالواح الزجاجية لحفظ الطاقة دون استهلاك لمشتقات النفط، انتاج سيارات كهربائية بالمشاركة مع شركة أميركية، تامين تسليفات في المنطقة لمصر والاردن وحتى اليمن، ترسيخ مؤسسات لتطوير الثروة المعدنية في المملكة التي تشمل الذهب، والاقدام على تطوير منطقة نيوم التي تشمل اجزاء من الاردن والعقبة، ومصر (شرم الشيخ) ليكون لدى المملكة مناخ متميز انتاجيًا وحضاريًا في القرن الواحد والعشرين، والحقيقة التي لا يدركها جميع مواطني الشرق الاوسط ان البرنامج السعودي هو اهم برنامج تطويري وضع قيد التنفيذ في المنطقة، وهنالك مفاجئات اسبوعية من نشاطات متعددة ويهدف السعوديون الى تحقيق مستوى دخل يجعل السعودية ثامن اقتصاد في العالم.

 

نجاح البلدان الثلاثة واستعادة المانيا قد تعوضان التأثير السلبي للمخاوف حول مستقبل الدولار بعد ان تجاوزت مديونية الولايات المتحدة دخلها القومي بنسبة 200%.

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.