الحقيقة والأكاذيب في التسريبات
بقلم عماد الدين أديب
يجب – دائماً – أن ندقق ونحلل ونفهم جيداً كل ما نشاهده أو نقرؤه على وسائل التواصل الاجتماعي هذه الأيام. وفي مجال السياسة بالذات نحن نعايش هذه الأيام حملات ممنهجة تستهدف تكثيف خطاب الكراهية، وتزوير الحقائق، وتشويه الناس، وممارسة أسوأ وأقذر حالات الاغتيال المعنوي للأفراد والشخصيات العامة وسياسات الدول.
منذ أيام ظهر تسريب منقول عن حوار لوزير الخارجية المصري وأحد سفراء بلاده في أوروبا. وبالطبع استخدمت كتائب الشر الإلكترونية هذه المواد وأفاضت في تصويرها على أنها أسوأ ما حدث في التاريخ.
وحقيقة الأمر هي على خلاف ذلك تماماً. لماذا؟
أولاً: موضوع ما تم تسريبه هو حوادث محاولة محاصرة بعض سفارات مصر في الخارج تحت الدعوى الكاذبة بأن القاهرة تمنع وصول المساعدات للشعب الفلسطيني المحاصر في غزة؛ لذلك – بناء على هذه الدعوى الكاذبة – يقوم بعض المتظاهرين الذين ينتمون للفصائل المختلفة لجماعة الإخوان بحصار السفارات ووضع أقفال على بواباتها.
وما ظهر من حوار وزير الخارجية المصري هو إصدار توجيهات صريحة وواضحة لمن كان يحدثه بالآتي:
1 – ضرورة الانتباه لتأمين المقر الدبلوماسي للسفارة.
2 – تنسيق الحماية مع السلطات لتأمين مداخل السفارة.
3 – عدم السماح بوجود ثغرات أمنية في مقر السفارة تسمح بدخول أي من المتظاهرين لمقر السفارة.
4 – ضرورة الاستعانة برجال أمن مصريين على درجة عالية من التخصص والكفاءة من أجل أداء هذه المهام.
السؤال الكبير: ما الخطأ الذي قام به الوزير في إصداره هذه التوجيهات؟
إن السفارات – أي سفارات، في أي دولة، في أي زمان ومكان، والمقرات الدبلوماسية كافة – تتبع – إدارياً وسياسياً وقانونياً – سلطة وزارة الخارجية، وبالتالي تصبح المسؤولية السياسية ملقاة على عاتق وزير الخارجية، سواء كان ذلك في النمسا أو زيمبابوي أو بكين.
وما قام به د. بدر عبدالعاطي – وهو واحد من أقدر الدبلوماسيين المصريين – هو أنه مارس حقه ودوره، بل واجبه في تأمين المقرات والبشر الذين يتبعون لهذه المقرات.
قام وزير الخارجية المصري بدوره حتى يتم تأمين السفارات من أي تصعيد محتمل من قِبل جماعات الإخوان في الخارج التي بدأت هذه العمليات، بدءاً من سفارة مصر في تل أبيب بزعامة رائد صلاح والخطيب، حتى سفارات مصر في عواصم عالمية عدة.
العمل شائن، ودوافعه شريرة، والادعاء بأن مصر هي التي تمنع دخول المساعدات أكذوبة شريرة يعرفها الجميع، وقد شهد عليها رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد مصطفى، عندما زار معبر رفح وشاهد بنفسه أطنان المساعدات الجاهزة بانتظار سماح الجانب الإسرائيلي لدخولها.
إن الاعتداء هو مسألة يجرمها القانون الدولي، وإن مسألة التسبب فيها أدت إلى حالات دموية، مثل حصار السفارة الأمريكية في طهران، وقتل السفير الأمريكي في طرابلس بليبيا، وهذه مسألة ما زال القانون الأمريكي يطارد فيها وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، حتى الآن. ليس كل ادعاءات وسائل التواصل الاجتماعي صادقة أو حقيقية، وليست كل التحليلات السياسية الخاصة بها بريئة أو تقصد الحقيقة المجردة.
عماد الدين أديب
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.