العالم العربي يهدّده خطران.. إسرائيل وإيران [2]

60

كتب عوني الكعكي:

تحدثنا في الحلقة الأولى عن الخطرين الاسرائيلي والإيراني، وكيف يصرّح زعماء إيران والمرشد الأعلى للجمهورية الاسلامية في إيران انهم يسيطرون على أربع عواصم عربية، وهم فخورون بإنجاز التشييع في بلاد أهل السنّة، وهذا مشروعهم الذي جاءوا من أجله.

الجديد اليوم هو الاتفاق الذي وقّع في بكين بحضور ورعاية الصين بين المملكة العربية السعودية وإيران. والسؤال الكبير: هل سيبصر هذا الاتفاق النور وتنفّذ بنوده؟

فعلى مدى الأشهر الماضية، ومنذ تمّ توقيع الاتفاق السعودي – الايراني في بكين يتم التداول العديد من الأخبار والتسريبات من الداخل الايراني عن الأوضاع الداخلية وحجم الغضب الشعبي تجاه نظام الملالي القائم، بسبب الفشل الذريع في التعامل مع الاحتجاجات القائمة… وذكر مراقبون ان توقيع الاتفاق السعودي – الايراني، لم يكن ليحدث لولا ان نظام الملالي فيها وجد نفسه امام نهايته المحتومة.

وعلى ما يبدو فإنّ العدّ التنازلي لسقوط نظام الملالي الايراني قد بدأ، لان إيران تفوّقت على أي دولة في العالم في العنصرية والارهاب وتكريس الفكر المذهبي، وهذا بحرمانها الشعب الاحوازي من أقل حقوقه الانسانية، إضافة الى ان جرح الأحواز مرّ عليه أكثر من تسعين عاماً وهو ينزف على يد المحتل الايراني… ومنذ هذا الاحتلال والمقاومة الاحوازية لم تتوقف بكل أشكالها وأنواعها. هذا أولاً…

ثانياً: أذكّر بالموجات الاحتجاجية المتعددة ضد نظام الحكم الفاسد في إيران… وكانت أكثر هذه الموجات حركات لاستعادة الحياة…

ثالثاً: نذكّر أيضاً بما خَلّفه مقتل مهسا أميني في 16 أيلول 2022، اثناء احتجازها لدى الشرطة لعدم ارتدائها الحجاب بطريقة سليمة، هذه الحادثة تركت أشد الاضطرابات حدة واستمرارية على الاطلاق، فقد اندلعت على الفور إثر الحادثة موجات احتجاجية قادتها النساء في الغالب، دفعت نحو مليوني شخص الى شوارع أكثر من 160 مدينة وبلدة صغيرة، مما ألهم كمّاً استثنائياً من الدعم الدولي. إشارة الى ان هاشتاغ مهسا أميني على «تويتر» حطّم رقماً قياسياً بمشاركته في 248 مليون تغريدة، كما صوّتت لجنة حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة في 24 تشرين الثاني الماضي على فتح تحقيق في القمع الشرس الذي يمارسه النظام ضد الشعب الايراني، والذي أودى بحياة ما يزيد على الـ500 شخص واعتقال الآلاف ومحاكمة أكثر من ألفي محتج ومحتجة.

رابعاً: تسميم الطالبات، بما في ذلك عدة مدارس في طهران واردبيل.

خامساً: أقدمت السلطات الايرانية عام 1988 على إعدام الآلاف من المعارضين السياسيين، والأعمال البربرية التي قام بها نظام الملالي ضد «مجاهدي خلق».

سادساً: التظاهرات التي هتفت ضد المرشد الايراني علي خامنئي ومهاجمة منزله.

سابعاً: تصفية العلماء في ايران ومنها قتل العالم النووي محسن فخري زاده، ومقتل العالم النووي مسعود علي محمدي عام 2010، ومحاولة قتل عباسي دوائي، والمهندس الكيميائي أحمدي روشن عام 2021. كما أعدمت طهران المصارع الشاب نويد أفكاري بعد إدانته بتهمة القتل.

فمنذ قيام الثورة الايرانية عام 1979، والجمهورية الاسلامية الايرانية ساحة معترك بين الاسلاميين المتشددين الذي يريدون فرض الحكم الديني من خلال ولاية الفقيه… ويؤمنون بسياسة تشييع السنّة حتى في البلدان الأخرى، وبين الجمهوريين الذين يؤمنون بالارادة الشعبية ويتمسّكون بالدستور.

ثامناً: لقد شكّلت الحركة الخضراء والانتفاضات التي عمّت البلاد وبخاصة منذ عام 2017 حتى الآن جرّاء ما تعانيه إيران من علل اجتماعية واقتصادية، وما تواجهه من طغيان الحاكم… وما الاحتجاجات المتزايدة إلاّ تعبير حقيقي لسنوات من النضال المستمر، وبخاصة بعد إلغاء النظام قوانين حماية الأسرة، كما أجبرت الرقابة الاجتماعية الصارمة المحاصصة التمييزية في شواغر التعليم والتوظيف.

تاسعاً: لم تعد الانتفاضات في إيران محصورة بمسألة الحجاب الإلزامي وحقوق المرأة، بل توسّعت لتشمل اهتمامات ودوائر أوسع، شارك فيها الشباب والطلاب والمعلمون والموظفون وسكان الأرياف والمجتمعات الفقيرة والأقليات الدينية والعرقية من (أكراد وعرب وأذريين وبلوش) ممّن شعروا جميعاً بلا شك أنهم مواطنون ومواطنات من الدرجة الثانية.

إنّ ما يريده الشعب الايراني اليوم هو الرغبة في عيش حياة طبيعية ومتواضعة، لطالما أنكرها عليهم نظام الملالي وعسكره.

لقد شهدت إيران بعد الثورة الاسلامية موجات احتجاجية عديدة، لكن ما يحدث الآن يبدو مختلفاً بشكل جوهري، فقد ذهبت الأحداث أبعد من ذلك بكثير من حيث الرسالة والحجم والتركيب، واتخذت طابعاً وديناميّات مختلفة وبشكل نوعي.. فهل يعني هذا ان ايران باتت جاهزة لانتهاء حكم الملالي فيها… أم أنّ هذا النظام توقف الآن، ومن الممكن أن يعاود مسيرته من جديد ولو بعد حين؟

وأخيراً.. لا يظنّـن أحد أن نظام الملالي يستطيع أن يصمد الى أبد الآبدين… وكل من يتصوّر ذلك فهو مخطئ والعبرة في التاريخ.

وأفضل ما يمكن قوله في ختام هذا الحديث إنّ هناك مشروعين يهددان الدول العربية حالياً هما: الصهيونية وولاية الفقيه.

aounikaaki@elshark.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.