بقلم مروان اسكندر – قرار اغلاق المصارف يعقّد الأمور

51

العمليات المحصورة بالسحب من آلات الATM لا يمكن ان تسهم في توسيع وتطوير الخدمات المصرفية. فالخدمات المفيدة تتشكل من التسهيلات الاقراضية وفتح الاعتمادات المصرفية لاستيراد وتغطية اقساط المدارس واكلاف المستشفيات والنقليات الخ وجميع هذه الاعمال متوقفة الا بالنسبة لفتح الاعتمادات لاستيراد البضائع او دفع اقساط التلامذة الذين يتابعون العلم في الخارج.

بكلام اوضح الدورة الاقتصادية قد انحسرت وبعض التلامذة في الخارج لن يستطيعوا ملاحقة دروس اختصاصاتهم.

 

بالمقابل خدمات مؤسسة القرض الحسن ستتوسع حكمًا وميزانية هذه المؤسسة سترتفع وتزيد على ميزانية خامس اكبر بنك بحجم ودائعه من البنوك التقليدية، واعمال بعض الشركات المالية التي تحوز على حقوق الاقراض والاستثمار قد ترتفع والكلفة على المواطن العادي ستتجاوز القدرة على كفاية حاجات العائلات.

 

قرار حصر تسديد اثمان مشتريات المأكولات والمشروبات بالدولار من مراكز التسويق الواسعة السوبرماركت ستزيد من كلفة كفاية حاجات العائلات وستدفع باتجاه زيادة اعداد الاسواق الشعبية ولا نعتبر ان هذا التوجه بالذات مضر بل قد يكون مصيبًا لان الاسواق الشعبية تنجز في مناطق واسعة وايجارات المواقع اما معدومة او متوافرة من مناطق خاضعة للبلديات التي تتقاضى رسوم رمزية، لكن اعداد وتوسع الاسواق الشعبية محدود والنتيجة مع ارتفاع اكلاف الانتقال ان الانفاق سينحسر ايضًا، وكذلك الدورة الاقتصادية. وتوافر الدولار لمتسوقين في مراكز التسوق الكبرى او الاسواق الشعبية لن تتوافر الا مع افتراض ارتفاع كلفة شراء الدولارات رغم تحديد مصرف لبنان لسعر الدولار الواحد ب15000 ل.ل وتأمينه للمصارف بهذا السعر والمصارف متوقفة عن هذا النشاط.

 

مقابل القرارين وتأثيرهما على الحركة الاقتصادية اتخذت قرارات ستساهم في المدى الابعد قليلاً لكل منهما فائدة واضحة.

القرار الاول المفيد اعلن عن الدعوة للمتعهدين لانجاز مستوجبات استقبال كميات القمح والشعير والذرة في مرفأ طرابلس وهذا التوجه مفيد لأكثر من سبب. فالحاجة الى تطوير خدمات مرفأ طرابلس ملحة خاصة بعد تدمير جزء من طاقة مرفأ بيروت بعد تفجير مخزن مرفأ بيروت لاحتواء المتفجرات التي تستعمل لانجاز فحص توافر النفط والغاز تحت البحر وحتى تستعمل من انظمة دكتاتورية لضبط تحركات الجماهير. وعملية تطوير مرفأ طرابلس يجب ان تتوسع لاحتواء خزانات استقبال القمح والشعير والذرة بحيث تنخفض ضغوط السير لنقل المستوردات الوافدة عبر مرفأ بيروت، لكن انشاء الأهرامات سيستوجب انقضاء وقت لا يقل عن سنتين.

 

من المعلوم ايضًا ان لبنان بحاجة لمرفأ تجاري واسع يتجاوز قدرات مرفأ صيدا وطرابلس، ولبنان يحتاج ايضًا الى تفعيل وتطوير مطا رينه معوض الذي هو منجز ويحتاج الى تكملة بعض الاشغال التي تؤمن شروط استقبال الطائرات التجارية.

 

وكما برزت هنالك امكانات لتفعيل مرفأ طرابلس وانجاز الأهرامات هنالك توجه لتعزيز امكانات استثمار معرض طرابلس الدولي وهو بين الانجازات المعمارية الدولية الذي وضع مؤخرًا على لائحة التراث العالمي.

 

مخطط معرض طرابلس انجزه مصمم معماري غيبه الموت عن سن 101 عام  وهو اوسكار نيماير وهذا المعماري المميز كان يحمل الجنسية البرازيلية وكان صديقًا لكاسترو واسهم في انجازات معمارية بارزة منها مدينة برازيليا في البرازيل وكان حتى تاريخ وفاته يدخن السيجار الكوبي دون انقطاع، وكثيرا ما اشار عليه اصدقائه بالامتناع عن تدخين السيجار ومحبة النساء كان هو يجيب ان الحياة لا تستحق الا ما يسهم في تنشيط افكار واعمال المعطاءين اكانوا أميركيين او برازيليين او صينيين، وكان الرجل من فئة نادرة احب اعماله بعض اشهر المعماريين العالميين. ومؤخرًا بدأت تظهر نوايا ايجابية لاحياء منشئات معرض طرابلس الدولي وذكرى المهندس العملاق الذي تستذكر ذكراه بعد فاته بعد عمر مديد.

 

القرار الثاني المفيد والذي اتخذ من قبل المجلس المركزي لمصرف لبنان بقيادة رياض توفيق سلامة الذي تلقى على  اكتافه مسؤوليات كبيرة تتجاوز دوره المفترض مع المجلس المركزي بالمحافظة على الاستقرار النقدي.

 

بالمقابل الاستقرار المالي يفترض ان يكون من مسؤولية المجلس النيابي خاصة عبر قرار ميزانية الدولة لكل عام، وكان من المفترض ان تتم تقديرات نفقات الميزانية ومواردها من مختلف الضرائب والرسوم قبل انتهاء السنة التي تسبق سنة جديدة لا بد من تحضير ارقامها قبل انتهاء السنة الجارية، وهذا الامر لم يحدث، وبالتالي كانت مبالغ عجز الميزانية تلقي عبء التغطية على مصرف لبنان في حين القانون كان يفرض استقلالية مصرف لبنان في الشأن النقدي وعدم  التعرض لارقام ميزانية الدولة اي السياسة المالية.

ولا بد من الاشارة الى ان قرار البنك المركزي الاخير الذي نعتبره مفيدًا للعمل الاقتصادي ويسهم في تغطية انحسار النشاط الاقتصادي الى حد ما، هو قبول المصارف بالشيكات المسحوبة لحسابات زبائنها اكانوا من التجار، المهنيين كالاطباء والمحامين والمهندسين والاداريين وكانت البنوك تمتنع عن قبول الشيكات المصدرة لزبائنها الامر الذي كان يؤدي الى انكماش الحركة الاقتصادية وخطوة البنك المركزي يجب ان توسع لفرض واجب فتح حسابات جديدة لاصحاب اسهم مكتسبة مقابل بيع منتجات او اجراء خدمات كأقساط المدارس واكلاف المستشفيات الخ. وستتوضح نتائج القرارات الاربعة في المستقبل القريب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.