بقلم يحيى أحمد الكعكي – فات المعاد… وبقينا بعاد بعاد بعاد
الأزمة الشديدة السواد التي يعيشها “ما تبقى من لبنان” على جميع المستويات السياسية، والاجتماعية، و»الاقتصادية -المالية»، والصحية، والثقافية، وغيرها من أنشطة الحياة.
أعادتني هذه الأزمة بالذاكرة إلى قصيدة”يقظة العرب” وهي من أهم قصائد الأديب اللبناني النهضوي “إبراهيم اليازجي».. [ولد في بيروت ١٨٤٧/٣/٢، ودرس الفقه الحنفي على المرحوم الشيخ «محي الدين اليافي» أحد مشاهير الأئمة في ذلك الحين، وتوفي في القاهرة ١٩٠٦/١٢/٢٨، ونقلت رفاته إلى مقبرة الروم الكاثوليك بببروت]، وكان قد هاجر إلى القاهرة ليستنّشق مافقده في بلده من “حرية وكرامة”، وهو ابن المفكّر النهضوي-المعلم- “ناصيف اليازجي” [١٨٧١/١٨٠٠] ابن منطقة «العرقوب» في جنوب لبنان.
وأعود لأذكّر بها اليوم، والتي كان “إبراهيم اليازجي” قد صدح بها في ١٨٦٨/٢/٥ وتضمنت ٤٨ بيتًا، في إحدى جلسات “الجمعية العلمية السورية” [وهي جمعية فكرية عربية أسّست في بيروت في العهد العثماني ١٨٤٧، وكانت من الأسباب الدافعة باتجاه النهضة العربية، واستقلال بر الشام، وكان تضم حوالى ١٥٠ عضوًا].
استهل “اليازجي” قصيدته بـ : “تَنَبَّهوا واستَفِيقُوا أيُّهَا العَرَب * فقد طمى الخطبُ حتى غَاصَتِ الرُكبُ.. [وبالإذن من العالم والأديب “إبراهيم اليازجي”، سأبدّل “يقظة العرب” بـ”يقظة اللبنانيين”، وكذلك “أيُّها العرب” بـ”أيُّها اللبنانيون النائمون”]،وهذه أهم أبياتها :
[ تَنَبّّهوا واستَفِيقوا أيُّها العرب «أيُّها اللبنانيون» * فقط طمَى الخَطبُ حتى غَاصَتِ الرّكبُ.
[ فِيمََ التَعلُّّلُ بالآمالِ تَخْدَعَكُم * وأنتم بين راحاتِ الفنا سلُبٌ .
[ كم تُظلمون ولستمُ تَشتَكون وكم * تُستَغّضَبون فلا يبدو لَكُمُ غَضَبُ.
[ أَلِفتُم الهون حتى صارَ عِندَكُمُ * طبعًا وبَعضُ طِباعِ المَرءِ مُكتَسبُ.
[ لا تَبتَغوا بالـمُنى فَوزًا لأنفُسِكًم * لا يُصدَقُ الفَوزُ ما لم يَصدُقِ الطّلَبً.
[ لم يَبقََ عِندَكُمُ شَيٌّء يَضنُّ بِه * غير النُّفُوسِ عليها الذَّلًّ يَنسَحِبٌ”.
وهذا شرح لبعض هذه الأبيات :
“أيُّها العرب -“أيها للبنانيون”- المقيمون على الذلِ استَيقظوا من غفوَتكم وسُباتكم فلقد غَمَرتكٌم المِحنُ والمصائبُ، وأغرقتكم في مستنقعها، أيها “اللبنانيون” ما لي أراكم تمنّون أنفسكم بآمالٍ برّاقةٍ خدّاعة، فوا عًجَبًا منكم ايُّها اللبنانيون لقد طال سباتكم حتى ملّتكم مراقدكم ونادت القبورُ على أجسادكم الميتة،
لقد استهوت قُلوبكم عِيشة الذل، وترسّخ الهوانُ في نفوسكم، حتى غدا عادةً تتخلقون بها كأي عَادة يَكتَسِبها الانسان بطول الصبر عليها، وإني لأعجب من صبركم الطويل وقدرتكم على تحمّل المذلة التي ثار غبارها واستعر نارها ضدكم وأنتم نائمون تحت التراب ..!!
وفي هذا السياق أشير إلى ما تعلمناه من “التاريخ الإجتماعي” [لمؤسّسه المؤرخ العربي “إبن خلدون” ١٣٣٢م- ١٤٠٦م]، أن “النائمين” سيستيقظون، ولكن على مراحل، وعند “اليقظة” سيحصل “التغيير” إن استيقظوا.. وعندها سيكون «فات الميعاد».. بالإذن من سيدة الغناء العربي «كوكب الشرق أم كلثوم»..
وهي التي كانت قد صدحت بأغنيتها «فات الميعاد» ١٩٦٧[ تأليف الشاعر المصري «مرسي جميل عزيز»، وتلحين موسيقار الجيل «بليغ حمدي»] ، ومن كلماتها :.» فات المعاد… وبقينا بعاد بعاد بعاد – والنار النار النار بقت – النار دخان ورماد…تفيد بإيه يا ندم يا ندم يا ندم – وتعمل إيه يا عتاب…طالت ليالى.. ليالى.. ليالى الألم واتفرقو الأحباب.. واتفرقو…وعايزنا نرجع زي زمان…قول للزمان ارجع يا زمان «..