حديث الاثنين – بقلم وليد الحسيني – «الطبخة والطباخون»
متى تكشف الأيام المخفي عنا في هذه الأيام؟.
حتى الأنف السياسي المبتدئ في السياسة، يشم رائحة خطيرة، تنبعث من مطبخ دولي وإقليمي مشترك.
لم نتأكد بعد من أسماء كل الطباخين… المؤكد الوحيد هو أن أميركا هي الطباخ الرئيسي.
ترى أي طباخ إقليمي يساعدها في إشعال النار… ومن هو الطباخ العربي الذي يتولى تقطيع المكونات… ومن هو الطباخ الفلسطيني الذي يقوم بتحريك الطبخة إلى أن تنضج.
الشك يضج بأسماء كثيرة… والنطق بها يحتاج إلى يقين أدرج في ملفات سرية للغاية، سيكشفها التاريخ بلا ريب، ذات يوم… وفي ذات حلقة من حلقات مسلسل النكبات العربية.
لا ندري أي جيل ستفاجئه حقيقة ما يجري الآن.
سيفاجأ، حتى ولو تكسرت نصال المفاجآت العربية الحديثة، على نصال المفاجآت العربية القديمة.
وتحاشياً لاتهامنا بإحباط الهمم، سنقتلع من أعيننا مشاهد اقتلاع الغزاويين من ديارهم… ومعها مشاهد الشروع بالإبادة الجماعية… وسنستمر في احتفالاتنا بنصر حماس التاريخي.
إنما الأمر ليس بهذه البساطة.
اللعنة على الأقمار الصناعية وشاشات التلفزة. فهي التي تقطع علينا أفراح نصرنا المزلزل، بتقطيع قلوبنا حزناً عل رضع يختنقون بسبب انقطاع الأوكسجين… وعلى ركام يدفن من سكن الديار.
دلّونا يا دعاة الاحتفالات، كيف لنا الجمع بين إزدواجية الفرح والحزن؟.
كيف لنا أن نرقص طرباً بتصريحات النصر الذي أتى والآتي… وكأننا الطير الذي يرقص مذبوحاً من الألم؟.
كيف لنا أن نثأر من ذلّ بلغ من العمر أشده، برشقات صاروخية لم تدمر مجمعاً نفطياً… ولا أصابت بنية استراتيجية… بينما العدو يتعامل مع أهلنا في غزة كمبيد بشري؟.
كيف لنا بنجدة شعبنا الفلسطيني، وشعوبنا العربية لا ترسل إليه سوى الأدعية وشحنات من «يا لطيف» و»يا حرام»؟.
بربكم أخبرونا إلى متى ستقاوم غزة ومخازنها، مهما خزّنت من ذخيرة وصواريخ إلى نفاذ؟.
وقبل أن تقع الواقعة، وتتمزق خرائط الوطن العربي مجدداً، لا بد من أن تدرك الدول العربية الأخطار التي تكمن لها في العقلين الأميركي والإسرائيلي… فعندما نترك غزة وحيدة، نترك لإسرائيل تقرير مصير المنطقة.
إنها ساعة الإنقاذ، إذا قرر الحكام العرب إنقاذ أنفسهم، بالخروج من شراكة التآمر على الأمة.
إغضبوا… لا حزناً ولا فرحاً.
إغضبوا بطائراتكم المقاتلة، لا بطائراتكم الناقلة لصناديق التمر والطحين.
إغضبوا… قبل أن ترفع السرية عن وثائق «طوفان الأقصى»… وقبل أن يكشف التاريخ الطبخة والطباخين.