حديث الجمعة _“قصة التقويم الهجري“

10

المهندس بسام برغوت
الخميس القادم ٢٦ حزيران ٢٠٢٥ م بداية السنة الهجرية الجديدة ١٤٤٧ هـ، فما هي قصة هذا التقويم؟
كانت دولة الخلافة الإسلامية بلا تقويم وتاريخ حتى عهد الخليفة الثاني الراشد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فاعتمد حادثة الهجرة العظيمة بداية للتقويم الهجري لدولة الإسلام، كما تم اختيار شهر “ محرم “ كبداية للعام وأول شهوره.
كان العرب قبل الاسلام يؤرخون بالاحداث، فكانوا يقولون – مثلاً:- عام بناء الكعبة عام الفجار, عام الفيل,عام سيل العرم وبعد ان بُعث الرسول صلى الله عليه وسلم وظهر الاسلام في مكة المكرمة، هاجر المسلمون الى المدينة المنورة،واصبح لهم كيان مستقل، فصاروا يطلقون على كل سنة من السنوات اسماً خاصاً متعلقاً بالحدث فكانوايقولون – مثلاً:- عام الخندق وكانوا قد اطلقوا على بعض الاعوام في مكة المكرمة بعد ظهور الاسلام وقبل هجرتهم، اسماء خاصة،فكانوا يقولون- مثلاً:- عام الحزن – عام الوداع –عام الرماده وغيرها من الالقاب التي كانت ترتبط بحدثٍ تميز به ذلك العام.
سُميت السنة الهجرية بهذا الاسم اشارة الى الهجرة النبوية المباركة للرسول محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم وذلك من “ام القرى“ مكة المكرمة الى المدينة المنورة، وقد تم اعتماد ذلك في السنة الثالثة من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بما يعني ان اعتماد هذا التقويم بدأ بعد مرور 17 عاماً على هجرة النبي صلى الله عليه وسلم.
في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ارسل اليه الصحابي أبو موسى الاشعري، (امير البصره )، خطاباً مؤرخاً في شهر “ شعبان “ دون تحديد السنة مخاطباً إياه:- يا أمير المؤمنين، تأتينا الكتب وقد أُرِّخَ بها في شعبان، ولا تدري أي شعبان هذا ؟ هل هو في السنة الماضية ؟ او في السنة التي ستليه ؟
عمد الخليفة عمر الى استشارة الصحابة رضوان الله عليهم في ذلك الشأن وبحث الامر مع الصحابيين عثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب فتفاوتت الاراء، منهم من اقترح بأن يؤُخذ بتاريخ مولد الرسول كبداية للتقويم، إقترح اخرون ان يؤخذ بتاريخ وفاته. جرى الاخذُ بالرأي الاغلب وتم الاتفاق على اعتبار السنة التي هاجر فيها الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة الى المدينة المنورة بداية التقويم،وذلك تقديراً وتثميناً للمعاني و للاثار الكبيرة لهذا الحدث على مسيرة الدين الاسلامي الحنيف. فكان “ التقويم الهجري “ واختير شهر “محرم” كبداية للسنة وشهر “ذي الحجة” نهاية لها، ومن هنا انطلق التقويم والتي صادف عام 622 ميلادي لتصُبح السنة الاولى في التاريخ الهجري.
يتكون التقويم الميلادي من أثني عشر شهراً ميلادياً، بينما يتكون التقويم الهجري من أثني عشر شهراً قمرياً.
على الرغم من أن عدد أشهر السنة الهجرية مساوٍ لعدد أشهر السنة الميلادية، الا ان عدد أيام السنة الهجرية، والذي هو:354 يوماً و 8 ساعات و48 دقيقة (354.367056 يوماً )، ينقص،عن عدد ايام السنة الميلادية والذي هو: 365 يوماً و 6 ساعات(365.2425يوماً)، بحوالي 11 يوماً (10.875444 يوماً ).
يجعل هذا الاختلاف في عدد الايام التزامن بين التقويمين مستحيلاً.
إن عدد ايام اشهر السنة الميلادية يتراوح ما بين 30 و 31 يوماً اما عدد ايام اشهر السنة الهجرية فتتراوح ما بين 29 و 30 يوماً: إن السبب في ذلك هو أن دورة القمر حول الأرض تتم في 29 يوماً ونصف اليوم.
تنقسم الاشهر الهجرية الى اشهر “حُرُمٌ” واَشهر “حِلُّ”:
– الاشهر “الحُرم” وعددها (4) وهي ذو القعدة، ذو الحجة، محرم ورجب (سميت كذلك لان القتال فيها كان محرماً عند العرب في الاسلام وقبله في الجاهلية).
– الاشهر “الحِلّ” وعددها (8) وهي صفر وربيع الاول وربيع الاخر وجمادى الاول وجمادى الاخرى وشعبان ورمضـــان وشــوال (سميت كذلك لان القتال فيها كان حلالاً عند العرب في الاسلام وقبله في الجاهلية ).
ان لكل شهر من الاشهر الهجرية معنى يحمل اسمه وهي كالآتي:
1- محرم (المحرم الحرام) وهو أول شهور السنة الهجرية ومن الأشهر الحُرُم: سُمِّي المحرّم لأن العرب قبل الإسلام كانوا يحرّمون القتال فيه.
2- صفر سُميّ صفراً لأن ديار العرب كانت تصفر أي تخلو من أهلها فيه للحرب وقيل لأن العرب كانوا يغزون فيه القبائل فيتركون من لقوا صفر المتاع
3- ربيع الاول سُمّي بذلك لأن تسميته جاءت في الربيع فلزمه ذلك الاسم.
4- ربيع الاخر سُمّي بذلك لأنه تبع الشّهر المسمّى بربيع الأوّل.
5- جمادى الاولى كانت تُسمى قبل الإسلام بإسم جمادى خمسة، وسُمّيت جمادى لوقوعها في الشتاء وقت التسمية حيث جمد الماء وهي مؤنثة اللفظ.
6- جمادى الاخــرى سُمّي بذلكَ لأنّه تبع الشّهر المسمّى بجمادى الأولى.
7- رجب وهو من الأشهر الحُرُم: سُمّي رجباً لأنه من الأشهر الحُرم وكانت العرب ترجب رماحها فيه أي تنزع النصل من الرمح وتكفّ الناس عن القتال. وقيل: رجب أي التوقف عن القتال.
8- شعبان لأنه شِعب بين رجب ورمضان، وقيل سُمّي شعبان لأن الناس تتفرّق فيه ويتشعبون طلبا للماء. وهناك رأي يقول إنه ربما سُمّي شعبان لأن العرب كانوا يتشعبون فيه ويفترقون للحرب بعد قعودهم عنها في شهر رجب.
9- رمضان وهو شهر الصّوم عند المسلمين. سُمّي بذلك لرموض الحر وشدّة وقع الشمس فيه وقت تسميته، حيث كانت الفترة التي سُمّي فيها بذلك شديدة الحر.
10- شوال وهو الشهر الذي يقع فيه عيد الفطر، وسُمّي بذلك لشولان النوق فيه بأذنابها إذ حملت «أي هزلت وجفّ لبنها»، فيقال تشوَّلت الإبل: إذا هزلت وجفّ لبنها.
11- ذو القعدة وهو من الأشهر الحُرُم: سُمّي ذا القعدة لأنه أول الأشهر الحرم وفيه تقعد الناس عن الحرب.
12- ذو الحجة وفيه موسم الحج وعيد الأضحى ومن الأشهر الحرم، وقد سُمّي بذلك لأن العرب قبل الإسلام يذهبون للحج في هذا الشهر.
ختاماً،
ان اعتماد التاريخ الهجري للدولة الإسلامية كان أكثر من ضرورة دينية وإدارية ومالية واقتصادية وسياسية وعسكرية وتربوية وسواها، وذلك بهدف تنظيم أوضاع الدولة الإسلامية بما فيه تنظيم أوضاع الدواوين، ورواتب الجند، والأمور المتعلقة بالشؤون الشرعية، والدينية، والفقهية، وما في حكمها من زكاة سنوية، وصدقات، وجبايات، فضلا عن تحديد المناسبات الدينية في السنة الهجرية، كما ان من الأهمية بمكان القول ان اعتماد هذا التقويم يعتبر مفصلاً تاريخياً في حياة المسلمين والدعوة الإسلامية.
المهندس بسام برغوت

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.