شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – «القاضي الرحيم» تحولت وفاته الى خبر عالمي أول

5

فرانك كابريو اسم من الأرجح أن قلة من الناس سمعت به أو عرفت شيئاً عن صاحبه حتى إعلان وفاته يوم أول من أمس الذي تحول الى تراند على وسائط التواصل الاجتماعي ناهيك بأمهات الصحف وأجهزة الإعلام العالمية  مع كلمتين ترددتا على كل شفة ولسان، وهما «القاضي الرحيم»، هذا اللقب الذي رافقه طوال سنوات جلوسه على قوس المحكمة.

ٓألم يكن  فرانك كابريو صاحب الموقع الرفيع في السلطة القضائية في الولايات المتحدة الأميركية فهو لم يتولَّ رئاسة المحكمة العليا، ولا كان نائباً عاماً أو رئيس مجلس عدلي الخ… فقط كان قاضياً فردياً يحكم بالقانون والروح الإنسانية.

باختصار كان قاضياً منفرداً ينظر في قضايا الناس بعين الرحمة ويعرف كيف يوفق بين مصالح الناس وحقوقهم والنص القانوني. وكانت فلسفة نهجه تنطلق من اقتناعه بأن العدالة ليست في النصوص الجامدة وحسب بل أيضاً في التعامل مع المتقاضين بالرحمة.

وقُيض لي أن أطلع على تحقيق مصور عن بعض القضايا التي نظر فيها فذُهلت للأجواء الإنسانية التي كان يضفيها على محكمته.

قبل نحو سنة من الآن وقفتُ على فيديو يتحدث فيه، من المستشفى الذي أدخل إليه بعد تدهور حاله الصحية ولامس الموت، وتوجه الى الذين قد يشاهدون الشريط بالقول: صلوا لأجلي. وبالفعل شفاه الله بعدما نفض الطب يده منه. وقبل بضعة أيام شاهدته في المستشفى ذاته وبالكاد كان قادراً على أن ينطق، وتحدث بصوت أقرب الى الوشوشة مناشداً من يشاهده ويستمع إليه الدعاء الى الله تعالى أن يشفيه. إلا أن المشيئة العليا قضت بأن أجله قد حان.

تأثرت كثيراً عندما تلقيت نبأ وفاته، رحمه الله، وتساءلت: ماذا ينقص الجسم القضائي اللبناني ليكون فيه قضاة أمثال فرانك كابريو؟ هل بينهم الذين يمكن أن نطلق عليهم توصيف «القاضي الرحيم» والقاضي «المتعاطف مع الضعيف»؟ وهل يمكن أن يكون مقبولاً المشهد القضائي الذي عايناه في وطننا خلال هذه الحقبة ولا سيما ما يتعلق بجريمة تفجير المرفأ ؟ وكذلك الولاءات السياسية ألم تكن مقدٓمة على الولاء للقسم؟

khalilelkhoury@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.