شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – كأنه لم يكن
بعد مضي يومين على اللقاء الخماسي، عبر تقنية «الزوم» بالرغم من تسميته باجتماع باريس، يبدو مشهد الاستحقاق الرئاسي اللبناني كأنه يراوح في الزمان والمكان، فلم يُسَجَّل أي تقدم، ولا حتى مجرد خطوة صغيرة دافعة نحو تذليل أي عقبة تعترض سبيل هذا الاستحقاق. والملاحظ أن النشاط محصور في بكركي وكليمنصو من خلال استقطاب الصرح البطريركي القادة الموارنة فرادى، وأيضاً حراك الوزير وليد جنبلاط المتمثل بوفوده التي تجول على مختلف الفاعليات علها تحرك جموداً هنا، وتوقظ ضميراً نائماً هناك، وتلقى تجاوباً هنالك…
ولا بد من الإشارة الى أن رفض أطراف مسيحية دعوة غبطة البطريرك الراعي الى الاجتماع النيابي المسيحي الشامل، وكذلك رفض (أو عدم التجاوب مع) دعوة الرئيس نبيه بري الى الحوار الموسع يشكّلان تأكيداً على دوران أزمة انتخاب الرئيس في متاهةٍ ليس ما يشي ببوادر للخروج منها.
فاللقاء الخماسي هو، في نظر أطرافه قبل أن يكون في نظر الجهات اللبنانية، مجرد لقاء لرفع العتب، فليس بين رؤساء وحكومات القاهرة والرياض والدوحة وواشنطن مَن يضع أزمة لبنان عموماً والشغور الرئاسي فيه، في أولوية الاهتمامات باستثناء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يحمل الأمر على محمل التحدي الشخصي، ونشاطه في هذا السياق لا يحتاج الى شاهد أو دليل، منذ أن زارنا مرتين متتاليتين، وجمع «العشرة» في قصر الصنوبر، ووجه إليهم «توبيخاً وتأنيباً» في كل ما للكلمتين من معنى.
وأما أسباب عدم توصل «الخماسي» الى نتيجة ملموسة فكثيرة: أولها أن المواقف الداخلية المتصلبة تعود الى تضارب مصالح دول إقليمية وبعيدة لم تتوصل بعد الى فضّ خلافاتها الكثيرة والمسألة اللبنانية جزء منها. والثاني أن حزب الله لم يقرر التراجع عن ترشيحه رئيس تيار المردة سليمان فرنجية وهو لن يفعلها ما لم تبادر بنشعي الى الانسحاب من السباق الرئاسي وهذا لا تبدو ملامحه في الأفق، وعلى العكس فإن جنبلاط بادر الى محاولة فتح ثغرة في الجدار من خلال تخليه، ضمناً، عن رئيس حركة الاستقلال النائب ميشال معوض وهذا الموقف كان بالتأكيد، أمس مدار بحث جدي بين الوفد الجنبلاطي والمرشح الزغرتاوي الشاب. والسبب الثالث فإن رئيسي أكبر تكتلين نيابيين مسيحيين، التيار القوي والجمهورية القوية يلتقيان سلباً، أي إنهما يعارضان فرنجية ولكنهما لا يلتقيان على دعم مرشحٍ ما. وثمة سبب مهم آخر وهو أن الموقف الخليجي الذي يتقاطع على عدم القبول بمرشح حزب الله، لم يحزم أمره بعد على مرشح آخر واحد. ويبقى أن واشنطن لم تطلق يد باريس كلياً في المسألة الرئاسية اللبنانية.