شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – من الروشة الى مياه تنورين وزيت بولس

24

يمكن اختصار المشهد اللبناني بصخرة الروشة ومياه تنورين، وقريباً يمكن إضافة زيت بولس الى هذه الصورة التي هي سريالية قدر ما هي بانورامية.

وكأن ليس في لبنان مشاكل وقضايا ومآزق معظمها مصيري، نرى الرعايا مثل الأغنام حيناً والببغات أحياناً في هذا البلد المنكوب بناسه أكثر مما هو منكوب بالطبقة السياسية الفاشلة على صعيد الوطن والناجحة على الصعيد الشخصي من حيث الصفقات والفساد وشريعة المافيات…

بسرعة ضوئية نسي الأقوام الحرب وتداعياتها، وإعادة الإعمار وعدم توافر أموالها، والاحتلال الإسرائيلي وأثقاله، والأسرى ووجع ذويهم…

 وبالسرعة الضوئية إياها نسي الأقوام الماء والكهرباء والنفايات وغلاء المعيشة الذي يسجل أرقاماً خرافية، والأقساط المدرسية، وانهيار سلم القيَم، والفساد المتفشي، والسلاح والخطة الستراتيجية او الأمنية، وهجرة أجيال الشباب من أصحاب الشهادات والكفاءات، ومضاعفة فاتورة الاستشفاء، والتلوث الخ… نسوا هذا كله وانقسموا أقواماً حول انعكاس صورة ضوئية على صخرة الروشة … وما إن أخذ يهمد سعير القصة وكل افتعال في شأنها، حتى هبطت عليهم، بقفة من السماء، مسألة مياه تنورين، التي  وجدوا فيها ضالتهم لإنقسام جديد: فإذا هذه المياه صالحة وصحية وطبيعية ومعدنية عند فريق، وإذا هي موبوءة وملوثة لدى فريق آخر… والأكثر بدعة من هذا كله أن مختبراتٍ بعينها كشفت على عينات من هذه المياه فإذا هي عال العال، ولعلها وجدت فيها «الدواء الشافيَ»… وفي المقابل تكشفت نتائج مختبرات أخرى عن الجراثيم… فوالله حتى المختبرات، في لبنان، تنقسم طائفياً ومذهبياً ومناطقياً وسياسياً…

إنه لبنان يا ولدي .

وقبل إن تُطفأ جُزوة نار مياه تنورين أطلّوا علينا، أمس بالذات ، بمسألة زيت بولس، ذي السمعة الطيبة محلياً وإقليمياً ودولياً، مثله مثل مياه تنورين، وبدأت تحوم حوله «خبريات» أقل ما يقال فيها وفي توقيتها، إنها ليست على براءة… إلّا أن المسألة هنا مختلفة، فقد يستفيق العاملون على هذا الملف أنهم (ونقولها من باب التفكهة) قد يواجهون حاكم العالم الجديد دونالد ترامب الذي تربطه بأسرة بولس العريقة في بلدة كفرعقا اللبنانية الشمالية (قضاء الكورة) روابط المصاهرة. علماً أن آل بولس ذوو تاريخ سياسي عريق، منذ نائب الكورة الآدمي، سابقاً، المرحوم فيليب بولس. ولعل الأمر يستوجب مبادرة من ساكن البيت الأبيض، (في واشنطن دي.سي.) إيفاد «العمعوم» مسعد بولس يرافقه نجله الصهر، الى وطنه الأم في مهمة زيتية.

ولنعد الى الجد… يا جماعة خافوا الله في لبنان واقتصاده وصناعته وسائر مقومات العافية فيه.

khalilelkhoury@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.