شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – نتنياهو يزداد غطرسة بتغطية أميركية بامتياز

6

لم يغب أزيز مسيّرات الاحتلال عن آذان أبناء العاصمة وسكانها طوال نهار ومساء وليل أمس. وبدا الإسرائيلي مرتاحاً، مطمئناً، واثقاً من أن أحداً لن يعترضه ليس فقط بالمضادات الصاروخية وحتى بتلك التقليدية. فالمجال (من كبير أسف) مجاله، والأجواء ملعبه، يضرب حيثما يشاء، ويصوّر ما يريد، ساعة يشاء ويريد في امتهان لسيادة هذا الوطن المنكوب، ولكرامة هذا الشعب المقهور… ويكاد لا يرتفع صوت، وإن خجولاً، ليزعج خاطره بالسؤال الأنيس: «ما أحلى الكحل في عينيك»!

في هذا الوقت لا يكتفي العدو بالخرق الجوي المتمادي، بل يصعّد خروقاته العدوانية فيقصف ويقتل ويدمر جنوباً وبقاعاً على مرأى ومسمع من أنظار ومسامع هذا العالم الذي يقبل هكذا توحشاً لا حدود له.

ومع هذا التصعيد الفاجر في حربه المستمرة، عملياً، على لبنان، يُسقط نتنياهو ليس آخر صفحة من اتفاق وقف القتال مع الجانب اللبناني، بل آخر فقرة وسطر وكلمة منها. وهو، الى ذلك، غير مبالٍ على الإطلاق برأي عام دولي، وببعض «الملاحظات» التي يبديها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بين الحين والآخر، أو سواه من الذين لا يزال هذا البلد الصغير المعذب يعني لهم شيئاً.

والأنكى من هذا كله أن الاحتلال يتهم لبنان بأنه يخرق ذلك الاتفاق السخيف والغادر بحق هذا البلد… والأكثر غرابة أن هناك رهطاً في الداخل وبعضاً من الدول في الخارج يصدق هذا الإدعاء الماكر…

وليس ما يدعو الى القلق أكثر من الظهورات العجائبية للموفد الرئاسي الأميركي السفير توما البرّاك الذي يغيب أسابيع قبل أن يعود ليطالعنا بطلته البهية واعظاً، ويا ليته يكتفي بالوعظ، إذ إنه يشفعه بالتهديد والوعيد وبالتلويح بالعصا الإسرائيلية الغليظة، كما فعل أمس متوجهاً إلينا مندداً بـ «تردد» لبنان، مضيفاً: تحركوا وإلا فستتحرك إسرائيل! وكأن العدو جامد لا يتحرك، وكأنه لا يقتل ويدمر ويجتاح ويحتل ويتموضع، ويحصن المواقع التي يحتلها من أرضنا.

وهذا البراك لا ينطق من عندياته، فهو صوت سيده، حاكم هذا العالم الحالي، دونالد ترامب، الذي لا يرف له جفن أمام الفظائع التي ترتكبها إسرائيل. ولعله، في سرحة ضمير راودته أخيراً، وسجلناها ها هنا، في «شروق وغروب» أمس الاثنين، صارح الإعلاميين الذين رافقوه على متن الطائرة الرئاسية الأميركية التي أعادته من قمة القاهرة الأخيرة الى واشنطن بأنه يرى نفسه في الجحيم في الدنيا الآخرة.

khalilelkhoury@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.