كيف قُتل السيّد حسن نصرالله؟!!

150

كتب عوني الكعكي:

سيبقى هذا السؤال ولمدة طويلة، حديث الناس، خصوصاً أن العملية التي تمّت بها عملية الاغتيال تتضمن الكثير من المعلومات المخابراتية، مع الأخذ بالاعتبار، أن المخابرات الاسرائيلية عندها تاريخ «وسخ» في الاغتيالات.. وأكثر من يعرف تلك الأعمال ويعرف كيف تتعامل إسرائيل بها هم الفلسطينيون.

على كل حال، لا شك أن هذا الموضوع مهم جداً، وله الكثير الكثير من القرّاء الذين يرغبون بمعرفة كيفية قتل الأمين العام.

لذلك، ارتأينا أنه يجب علينا أن نرى ما تقوله الصحافة الأجنبية عن تلك العملية.

وتذكر المعلومات المتوفرة في هذه الصحف انه وخلال حرب تموز 2006 بين حزب الله وإسرائيل، حاولت إسرائيل اغتيال وقتل السيّد حسن ثلاث مرّات، حسب صحيفة «الفايننشيال تايمز».

تتابع الصحيفة: الضربة الأولى أخطأت الهدف، يومذاك ترك الامين العام مقرّ إقامته. المحاولتان الثانية والثالثة فشلتا في اختراق التحصينات التي أقيمت حول مكان وجوده تحت الأرض.

ليل الجمعة الماضي، حاولت إسرائيل تفادي الثغرات التي وقعت في محاولات الاغتيال السابقة. ففي إحدى الشقق التي وصل إليها السيّد حسن الى المكان المحصّن الذي اتخذه حزب الله مركزاً أساسياً لـ «الحزب» في حارة حريك جنوب بيروت، ألقت إسرائيل 85 قنبلة من طائرة «F-15I» خارقة التحصينات القوية، مدمّرة 4 بنايات على الأقل، واغتالت الأمين العام السيّد حسن، ونجحت في عمليتها، مخلفة دماراً كبيراً في المنطقة.

مسؤولون إسرائيليون أفادوا عبر صحيفة «هآرتس» أن إسرائيل كانت تخطط لاغتيال السيّد حسن منذ ما يقارب الشهرين… وراحت تنفذ سياستها في اغتيال قادة حزب الله. ففي 30 تموز (يوليو) اغتالت القائد فؤاد شكر الذي يعتبر في منزلة رئيس أركان «الحزب»، ومقرّباً من الأمين العام.

لقد استفادت إسرائيل من فشلها السابق في عمليات الاغتيال عام 2006، فخططت الفرقة 8200 عبر الذكاء الاصطناعي وبتخطيط من أرمان وبالتعاون مع خبير معلومات سابق يدعى ميري إلسن Miri Elsin.

لقد عمد إلسن الى الاستفادة من وجود إسرائيل واحتلالها جزءاً من جنوب لبنان حتى العام 2000. وركزت إسرائيل الخطط على علاقة حزب الله بإيران وخصوصاً المرشد العام خامنئي والرئيس السوري بشار الأسد والحوثيين في اليمن (أنصار الله)، ودُرست الحالة بدقة… وتم اختيار نصرالله لقتله، باعتباره رئيس أو أمين عام أقوى أذرعة إيران في المنطقة، ولأنّ نصرالله تحوّل -في نظرهم- الى إرهابي خطير يهدّد وجود إسرائيل، وقد تفوق خطورته خطورة ما كان يشكله أسامة بن لادن.

لقد نجحوا في اغتيال بن لادن الذي كان مختبأً في كهف، فلماذا لا ينجحون في اختراق التحصينات والوصول الى حسن نصرالله؟

وبدأ التخطيط آخذاً بالاعتبار قوة «الحزب»، إذ بدأ نجمه بالبروز أكثر في الـ2000 والـ2006، ومن خلال تدخله في الحرب في سوريا ومساندته نظام بشار الأسد.

الأهم في القضية اعتماد إسرائيل على التجسّس بتجنيد جواسيس، كما أشارت الى ذلك صحيفة «معاريف» الإسرائيلية.

تقول رنده سليم: «لقد كان التدخل في سوريا أوّل الغيث، بالإشارة الى تنامي قوة حزب الله. الحرب في سوريا أعطت إسرائيل أسماء قادة كبار من حزب الله ومدى قوتهم وتأثيرهم».

يقول سياسي لبناني مخضرم، إنّ وضع «العين» على نصرالله كان تدخله في سوريا لدعم نظام الأسد.

لقد كشفت معارك حزب الله في سوريا أسماء قادة حزب الله، وكشفت كذلك مواطن ضعفهم… وبيّـنت خريطة تنقلاتهم. كل هذا أدّى الى عمليات الاغتيال السابقة لعدد كبير من هؤلاء القادة، كما بيّـنت الـ»نيويورك تايمز» الأميركية.

لقد أُحيطت فكرة الاغتيال ومخططها بالسرّية، فهي لم تكن وليدة لحظتها. فالطيارون الذين نفذوها كانوا قد تدرّبوا عليها طويلاً، لكنهم لم يعرفوا الهدف إلاّ قبيل تنفيذ العملية، كما أشارت الى ذلك صحيفة «يديعوت أحرونوت» الاسرائيلية.

وكجزء من عملية تضليل، تلقت الولايات المتحدة الاثنين إشارات على أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو سيذهب الى الأمم المتحدة… وبالفعل شارك نتنياهو الأربعاء في اجتماع المجلس الحربي المصغّر، وناقش عملية اغتيال نصرالله ثم غادر البلاد… وعندما وصل الى نيويورك قرّر المضي في العملية.

ويقول مراقبون متابعون إنّ التخطيط لاغتيال السيّد حسن لم يكن منذ أشهر -كما يعتقد البعض- بل بدأ التخطيط لقتله قبل سنوات، وإنّ ثلاث وحدات استخباراتية أشرفت على العملية.

تضيف الصحيفة: «إنّ عملية القضاء على كوادر قادة حزب الله ونصرالله على رأسهم، لم يكن من الممكن تنفيذها من دون معلومات استخباراتية دقيقة عن المجمع الموجود تحت الأرض، وتحركات أعضاء الحزب بداخله، كما تضمنت المعلومات حسابات دقيقة بالتوقيت، ومدى القوة التدميرية اللازمة لاختراق التحصينات التي ستقضي على نصرالله ومسؤوليه».

ووفقاً للصحيفة.. بدأ «الموساد» التخطيط للحملة منذ أكثر من عقد، حيث درسوا نقاط قوة «الحزب» وضعفه.

إنّ المعلومات الاستخبارية الدقيقة التي حصلت إسرائيل عليها، وساهمت بتنفيذ العملية، واغتيال نصرالله، استندت الى 3 وحدات عسكرية، هي: الوحدة 9900 التي ساهمت بجمع المعلومات البصرية وتحديد الإحداثيات، والوحدة 504 التي تُشغّل العملاء (المتخصصة في جمع المعلومات من المصادر البشرية)، وشعبة الاستخبارات العسكرية لا سيما الوحدة 8200 (التي تعتمد على التكنولوجيا المتقدّمة).

وحتى بعد الغارة التي استهدفت نصرالله وعدد من قادة حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، واصل «الموساد» جمع المعلومات لتقييم نتائج الضربة ومدى دقتها.

وأشارت الصحيفة الى أن نصرالله كان يصطحب معه في سيارته يوم اغتياله نائب قائد «فيلق القدس» في لبنان، وبأنه كان موجوداً على عمق 30 قدماً تحت الأرض لحظة الاغتيال.

إنّ ما خططت له إسرائيل هو ضمن خطوات منفصلة تصب في النهاية في مصدر واحد، لكن هذه الخطة احتاجت الى الغير لجمع ما يسمّى بـ «بنك المعلومات» عن تحركات السيّد ومرافقيه.

لقد كانت بدايات الخطة اغتيال عدد من كبار قادة «الحزب» في الداخل اللبناني. وممّا سرّع عملية الاغتيال إصرار السيّد على ربط مسار المفاوضات بين لبنان وإسرائيل ووقف النار بغزة وتوقيف إطلاق النار عليها.

إشارة الى أن الصحيفة أكدت أن نتنياهو كان يعلم بعملية الاغتيال قبل إلقاء كلمته في الأمم المتحدة.

aounikaaki@elshark.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.