ما قيمة السلاح في لبنان؟

38

 

كتب عوني الكعكي:

لا يمر يوم واحد إلاّ هناك تهديد إسرائيلي للبنان، بسبب سلاح المقاومة. مع العلم أنّ إسرائيل تعلم علم اليقين أنّ ذلك السلاح لم يعد موجوداً في الجنوب، وحتى السلاح الموجود في باقي المناطق لم يعد له قيمة. والحقيقة المطلوب هو تدمير لبنان لأنّه البلد الوحيد الذي يناقض مفهوم الدولة الصهيونية، فبذلك تصيب إسرائيل عصفورين بحجر: تدمير لبنان وتدمير التعايش بين اللبنانيين، كمسيحيين ومسلمين.

موضوع السلاح الفلسطيني الذي لا يمر يوم إلاّ وهناك تصريح لقائد «القوات اللبنانية» د. سمير جعجع يطالب بسحبه وسحب سلاح حزب الله.

وهنا أسأل الدكتور جعجع: منذ متى لم نسمع كلمة أو حادثة أو عمل قام به الفلسطينيين ضد إسرائيل أو ضد اللبنانيين؟ ولكن لماذا إثاره هذا الملف اليوم بهذا الشكل الاستفزازي؟ فاللبنانيون كلهم مع حصر السلاح بيد الدولة… ولكن الأمر لا يتم إلاّ بالتأنّي والتصرّف الحكيم.

بصراحة، لم يكن السلاح مفيداً في لبنان إلاّ مرة واحدة… وكان ذلك عندما احتلت إسرائيل لبنان في حزيران 1982، ووصلت الى العاصمة بيروت بعد 100 يوم من الحصار، وبعد أن عانت العاصمة بيروت ما لم تعانيه حتى برلين في الحرب العالمية الثانية، إذ بلغ القصف بالصواريخ من الطائرات الإسرائيلية من الجو، ومن الدبابات التي كانت قد وصلت الى محيط القصر الجمهوري في بعبدا، ومن البوارج الإسرائيلية في البحر، إذ بلغ عدد القذائف التي نالتها بيروت -كما ذكرنا- أكثر من عدد القذائف التي تساقطت على برلين في الحرب العالمية الثانية.

وكما قلت، استطاع حزب الله وبفضل جميع اللبنانيين المقاومين للاحتلال الإسرائيلي، إجبار العدو الإسرائيلي على الانسحاب من لبنان لأوّل مرّة في تاريخ إسرائيل وبدون أية شروط عام 2000.

وبعد التحرير كان هناك إصرار من الحزب على إبقاء سلاحه.. والمصيبة الأكبر كانت، أن ذلك السلاح استعمل للسيطرة على الدولة اللبنانية، إذ تحوّل الحزب من حزب لمقاومة إسرائيل الى حزب يحكم لبنان… ثمّ دخل الى البرلمان اللبناني في عام 1992 ودخل الى الحكومة في عام 2005.

وهكذا، بين ليلة وضحاها أصبح السيّد حسن شهيد فلسطين هو الذي يقرّر من يأتي رئيساً للجمهورية في لبنان كما فعل يوم إبقاء موقع رئاسة الجمهورية شاغراً تحت نظرية «يا ميشال عون رئيس الجمهورية يا ما في رئيس».

وكذلك بالنسبة لتشكيل الحكومة التي عانت في تشكيلها، بينما جرت العادة أنه وخلال شهر من تكليف رئيس الحكومة تشكل الحكومات. وبدل أن يشكّل الرئيس المكلف حكومته خلال شهر كان عليه أن ينتظر الموافقة من الحزب وذلك لمدة سنة.

جاءت حرب 2006، وقصّة النصر الإلهي، ليقول شهيد فلسطين السيّد حسن نصرالله: «لو كنت أعلم».

انتصرت إسرائيل ودفع لبنان 6000 قتيل وجريح من الجيش والمقاومة والشعب، وتكبّد خسائر في الأبنية التي هدّمها الطيران الإسرائيلي في الجنوب.. والأهم في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت، وسجّل 15 مليار دولار كديون على الدولة وبالتالي على الشعب اللبناني مقابل «لو كنت أعلم».

الكارثة الكبرى كانت دخول الحزب لمساندة أبطال غزة في 8 أكتوبر. وبالمناسبة أنا مع دخول الحزب في المساندة منذ اليوم الأول، ولكن بعد مرور شهر جاء آموس هوكشتين وهو يحمل مشروعاً بوقف المساندة، مقابل الانسحاب الإسرائيلي من 23 موقعاً وخمسة مواقع كما يتردّد في الإعلام، مع إعادة النظر بالاتفاق البحري بين العدو الإسرائيلي ولبنان.

للأسف الشديد، رفض السيد حسن نصرالله أحد عشر عرضاً من هوكشتين خلال سنة، حتى جاءت عملية «البيجر» التي قتلت وأصابت وقطّعت أوصال 6000 مواطن من الحزب. بعدها قامت إسرائيل بأكبر عملية تدمير بعد حصولها على القنابل التي تستطيع خرق 80 متراً، وهكذا استطاعت إسرائيل اغتيال السيد حسن نصرالله وابن خالته هاشم صفي الدين وجميع أعضاء الصف الأول من قيادة الحزب، وتوصلت الى اتفاق وقف إطلاق النار، ولكن بالشروط الإسرائيلية.

هذا ما حصل للسلاح اللبناني.. إذ حقق فقط التحرير عام 2000… ولكن الفرص الكبرى التي جاءت من بعدها لم يتلقفها الحزب أو يستفيد منها.

وهكذا نستطيع القول: إنّ السلاح سقط ولم تعد له أية قيمة بالنسبة للصراع مع إسرائيل.

أما السلاح الفلسطيني في لبنان فوضعه أسوأ من وضع سلاح الحزب، خصوصاً أن ذلك السلاح (أي الفلسطيني) لم يستطع أن يدافع عن فلسطين في المخيمات المنتشرة في لبنان، ولم يستطع أن يحرّر شبراً من أرض فلسطين.

لذلك نقول: إنّ ما يطلق عليه السلاح الفلسطيني في المخيمات لم يعد يصلح لأي شيء، وأصبح استعماله فقط للاقتتال بين المنظمات الفلسطينية داخل المخيمات، بالأخص بين السلطة الفلسطينية وبين المعارضة لهذه السلطة.

والحديث عن مواعيد لسحب السلاح كلام غير واقعي، لأنّ ذلك السلاح سقط لوحده، ولم تعد له أي فائدة إلاّ لقتل اللبنانيين والفلسطينيين وليس للدفاع عنهم. وهنا نقول: حلّوا عنا.

aounikaaki@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.