من يعطّل البلد أكثر… جعجع أم باسيل؟!!
كتب عوني الكعكي:
هناك تنافس حقيقي بين الدكتور سمير جعجع، قائد «القوات اللبنانية»، وبين من يسمّى برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل حول تعطيل البلد.
إذ انّ كل فريق يدّعي الحرص على جميع المواقع المسيحية، ويحذّر من المساس بها… ويدّعي بأنها مقدّسة، لكن في الحقيقة أنّ ما يفعله الفريقان هو عكس ما يقولانه… فكيف؟
بكل صراحة… الدكتور جعجع وجبران باسيل ومنذ اليوم الثاني لـ»اتفاق معراب» حيث تم اتفاق بينهما على موضوع قانون الانتخابات النيابية، وطبعاً كل طرف من زاوية مختلفة، لكن القاسم المشترك أن تكون الانتخابات النيابية مسيحية – مسيحية، وهذا في الحقيقة هو عكس ما رمى إليه «اتفاق الطائف»، وكان الوحيد الذي كان ضد القانون الجديد هو الرئيس سعد الحريري، لكن الرئيس الحريري وأمام تسهيل عملية الانتخابات رضخ للقانون على مضض، خصوصاً أنه كان الوحيد الرافض للقانون الجديد.
على كل حال، يتفاخر الدكتور جعجع انه حاز على أصوات أكثر بكثير من الأصوات التي حصل عليها باسيل في الانتخابات الأخيرة. فقد تقدّم عليه في بيروت الأولى بأكثر من 3700 صوت، وفي البقاع بأكثر من عشرة آلاف، وفي المتن تفوّق باسيل بحوالى ألف صوت، وفي مختلف المناطق الأخرى فازت «القوات» على التيار الوطني بأكثر من 16450 صوتاً.
بعض النظر عن الادعاءات والنتائج… لا شك بأنّ البلد اليوم يعاني من نتائج قانون الانتخاب الأخير، وأصبحت أمور البلد معطلة. على سبيل المثال، د. جعجع يدّعي انه مع إجراء انتخابات لانتخاب رئيس للجمهورية، لكنه يضع بعض الشروط وليست الشروط أساسية بل للعرقلة، لأنه لم يتفق مع أي فريق على اسم رئيس. والأنكى انه مستعد لتعطيل جلسة الانتخاب إذا لم يكن الرئيس المنوي انتخابه «على ذوقه». والأسوأ أيضاً انه مستعد لمقاطعة جلسة الانتخاب في المجلس كما حدث في السابق، أي يوم انتخاب الرئيس السابق ميشال عون، إذ بقيت البلاد عامين ونصف العام من دون رئيس حتى تم «اتفاق معراب» حيث يقول الدكتور جعجع: إنه أجرى اتفاقاً مع ميشال عون بعدما اتفق الرئيس الحريري مع الوزير سليمان فرنجية على أن يرشح الحريري فرنجية للرئاسة. والحقيقة أنّ «اتفاق معراب» جاء قبل اتفاق الحريري مع فرنجية. والمصيبة الأكبر هي ان جعجع لديه تجربة سيّئة جداً مع ميشال عون تمثّلت بحرب الإلغاء وحرب التحرير وحرب تكسير رأس حافظ الأسد، وهي أدّت الى هرب ميشال عون بالبيجاما عندما شاهد طائرة «سوخوي» فوق القصر الجمهوري.
والمصيبة أنّ د. سمير جعجع لا يتعلّم من أخطائه، بل يصرّ أن يبقى كما هو، وللتذكير نذكّره انّه بعد تنازله عن الرئاسة والاتفاق على عدد الوزراء والنواب مناصفة بين القوات والتيار الوطني كانت أوّل نكسة من الصهر المدلّل الساقط الأكبر في الانتخابات النيابية الذي فشل مرتين متتاليتين في الانتخابات. إذ قال جبران للدكتور جعجع «حصلنا على الرئاسة وهذا كاف قلّع شوكك بيديك».
وللتذكير أيضاً، فإنّ تجربة الرئيس الحريري الذي انتظر 9 أشهر عند تشكيل أوّل حكومة في العهد المشؤوم لإرضاء الدكتور جعجع في جميع الجلسات التي عقدتها الحكومة، إذ كان موقف «القوات» دائماً سلبياً.
هذا لا يعني أنّ جبران كان يسهّل الأمور، بل العكس، كان جبران أسوأ بمليون مرّة لأنه كان دائماً يعرقل أي حلول. وهنا تذكرت أنه في إحدى المرّات ظلّت الحكومة تجتمع لمدّة أسبوع من دون التوصّل الى أي حل للكهرباء… حيث قال لي الرئيس الحريري بعد أسبوع من الاجتماعات اليومية: كل يوم 8 ساعات لمدة أسبوع كامل لم نستطع التوصّل الى حل بسبب خلاف جعجع وباسيل.
بالفعل هناك الكثير الكثير من التعطيل يقوم به د. جعجع وباسيل، حيث يحتار الانسان بينهما: من هو الأسوأ في التعطيل؟ والمصيبة الأكبر هي ان عنوان صراعهما حقوق المسيحيين.
أخيراً، كان الله في عون غبطة البطريرك لأنّ أولاده لا يسمعون ما يقول…