هوامش – بقلم ميرفت سيوفي- العيْش باللّطف الإلهي

48

يُدرك اللبنانيّون أنّهم يعيشون بعناية «اللطف الإلهي»، وعدم انتظار أي تحسّن يطرأ على الوضع مهما كان طفيفاً يساعد اللبنانيّين على الاستمرار، وعدم الانتظار هذا ينقذهم من الإحساس بالخيبات المتتالية من شبه دولة تعدهم ولا تفي، فقد المواطن اللبناني ثقته نهائيّاً بكلّ الشعارات الحكومية والسياسيّة،ولم تعد النّاس تحتمل هذه المهازل والاستهتار والعيش على هذا المنوال من القلق ومن المؤسف أنّه لا يوجد مسؤولون يأخذون البلد على محمل الجدّ ويقدّرون خطورة الصورة التي تركوها في أذهان العالم، وأنّ حدود غاياتهم هو تناتش السلطة والتكالب على الحصص من دون أدنى اكتراث للحال الذي بلغه الشعب حتّى في عزّ اللحظات الحاسمة التي يعيشها لبنان، ولا نحتاج إلى أمثلة تكفي الكهرباء وكارثة وزيرها!!
كابوس الخوف شديد هذه المرة على اللبنانيين، الجميع يعلم أنّه داخلياً المشهد مشابه للأفق المسدود عام 1990 دول العالم كلّها أرادت مساعدة لبنان، ولكن و»لأنّ العند يورث الكفر» وصلنا إلى 13 تشرين، ولم يكن هناك يومها حلم تحقّق ولا رئاسة تمّ نيلها، ولم يكن هناك أيضاً كارثة الوريث جبران باسيل، الذي دفع لبنان ثمن سيطرته على الحكم طوال فترة الرئاسة السابقة والفراغ الحالي، ولا نستطيع أن ندّعي كلبنانيين أنّنا ضحايا لعبة المنطقة، على العكس نحن كشعوب بطوائفها ومذاهبها متورطة حتى النهاية في التماهي مع هذه اللعبة نحن الأداة ونحن الوقود ونحن الضحايا، أحياناً تتداعى علينا صور الحرب حتى من قبل اندلاعها، من تاريخ استقلال لبنان دمية المنطقة التي تفصّل المنطقة بعد اكتمال الصورة التي سيتمظهر فيها لبنان، منذ العام 1920، منذ العام 1943 ، منذ العام 1958 ، منذ العام 1969 ، منذ العام 1975 وحتى هذا اليوم وهذه اللحظة المفصليّة!
لا مفرّ أمام المشهد اللبناني إلا بتفكيك هذا الواقع وإعادة تركيبه بطريقة سليمة يكون فيها اللبنانيّون سواسية أمام القانون وكلّ الفرقاء يخضعون لسلطة دولة واحدة ليس فيها فريق مرتبط إرتباطاً عضوياً بدولة أخرى بحجّة العقيدة وليس فيها فريق يملك ترسانة من السّلاح يستخدمها في الداخل والخارج وفي كلّ مكان من العالم !
الحال يبقى على ما هو عليه داخلياً الكلمة لـ»الميدان» في المنطقة والحرب سيّدة الموقف وهي مضبوطة حتى اللحظة بلجام التأني والتروي، وتسير على إيقاع المباحثات في القاهرة وعلى إيقاع خسائر العدو الإسرائيلي الذي يتأرجح اقتصاده على حافة الانهيار، تكاد الحرب تتم عامها الأول والمفاوضات بدأت بوقف إطلاق النار وإطلاق الرهائن وتكاد تنتهي بالفشل بسبب عقدة محور فيلادلفيا، ألم نقل أن المنطقة تعيش باللطف الإلهي، يا لطيف يا الله ألطف بنا.

ميرڤت سيوفي
m _ syoufi@hotmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.