إسرائيل أبادت الشعب الفلسطيني في غزة ولكن الفلسطينيين ربحوا «دولة»
كتب عوني الكعكي:
ستبقى عملية 7 أكتوبر التي قام بها أبطال «طوفان الأقصى» خالدة حتى بعد مرور سنين طويلة، كما ستظل مدار حديث الناس… كل الناس.
طبعاً هناك من يعتبر أنّ هذه العملية أعادت القضية الفلسطينية إلى الطاولة بعد أن كان العمل في إسرائيل جارياً على محو القضية الفلسطينية.
وهنا يمكن القول إنّ هذه العملية أعادت القضية الى البحث في كل الاجتماعات الدولية، هذا أولاً… أما ثانياً…
فإنّ حركة حماس استطاعت أن تقاوم أهم جيش في المنطقة، مدعوم من أميركا بشكل غير طبيعي.. إذ إن كل قطعة سلاح موجودة هي من الدعم الأميركي العسكري اللامحدود.
والأهم، أن العملية خذلت رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي أعلن منذ سنتين القضاء على «حماس» ولكنه فشل، كما أعلن تحرير الرهائن بالقوة، فمُني بالفشل أيضاً.
ثالثاً: لم يستطع الجيش الإسرائيلي، وبالرغم من استعمال جميع أنواع القتل والتدمير والاعتداءات على المواطنين الفلسطينيين العُزّل، وبالأخص على النساء والأطفال، لم يستطع هذا الجيش أن يفرج عن رهينة واحدة.
شيء آخر علينا أن نطّلع عليه وهو كيف تنظر الصحافة الإسرائيلية الى الأحداث التي تجري منذ سنتين، أي منذ 7 أكتوبر 2023، هذا الصمود والصلابة الفلسطينية لا يوجد لها مثيل في العالم.
نبدأ بما كتب عن هذه العملية البطلة:
بداية، أورد ما كتبه ليئورين شاؤول في صحيفة «يديعوت أحرونوت» «من كان يظن أنّ الدولة اليهودية، تأسّست على رماد الحرب العالمية، والتي تغذّت على الدعم الغربي بلا حدود، ستصل الى هذه اللحظة السوداء».
نعم أقول بوضوح: إسرائيل ستنهار خلال عامين، وما تعيشه اليوم، ليس مجرّد «أزمة أمنية» أو «تعثّر سياسي»، بل هو زلزال وجودي يدكّ أركان المشروع الصهيوني من أساسه.
حركة حماس لم تنتصر فقط في ساحة المعركة، بل فجّرت خرافة الدولة التي لا تُقهر وفضحت هشاشتها أمام العالم… فنحن نغرق نغرق.. والناس يهربون.
الرحلات الى أوروبا وأميركا وكندا تُـحجز بالكامل، والسفارات مليئة بطلبات الهجرة.
العائلات تبيع ممتلكاتها بصمت… الآباء يرسلون أبناءهم للدراسة في الخارج بلا نيّة للعودة… نحن لا نهاجر بل نهرب كالفئران من سفينة تتهاوى.
مشاهد الذل أصبحت يومية… جنود يبكون أمام الكاميرات… ومستوطنون يفرّون من الجنوب ومن الشمال، وزراء يصرخون ويهدّدون، وشعب بأكمله يعيش على الحبوب المهدّئة.
أيّ دولة هذه، التي تُقصف عاصمتها ومستوطناتها يومياً ولا تستطيع الردّ؟ أي جيش هذا الذي يفشل في تركيع غزة رغم آلاف الغارات؟
أي قيادة هذه التي تتحدّث عن النصر، بينما الخراب ينهشنا من الداخل؟
حركة حماس كشفت كل شيء، لقد عرّت جبيننا، ونفخت في جمرات الكراهية التي تأكلنا.
في الضفة الانتفاضة تقترب.. وفي الداخل العرب يعيدون الثقة بأنفسهم.
أما نحن، فمتفرّقون.. خائفون… نحن اليوم كيان بلا مشروع، بلا بوصلة وبلا مبرّر… دولة بلا أخلاق، تقتل المدنيين وتذبح الأطفال.. ثم تطلب من العالم أن يصفّق لها.
خلال عامين.. لن تبقى إسرائيل كما نعرفها.
ربما تصبح «دولة قلاع محاصرة» أو «جيب يهودي مسلّح»، يعيش على فُتات الحماية الأميركية، وربما تنهار تماماً وتعود الأرض الى أصحابها.
هل أبالغ؟ اسألوا التاريخ… فكل مشروع استعماري اعتمد على القتل والكذب انهار… وكل كيان قام على الظلم سقط.
الساعة تدق.
وحين تسقط إسرائيل، وهي ستسقط، سيتحدّث العالم عن تلك اللحظة التي تخلّت فيها دولة نووية عن إنسانيتها فخسرت كل شيء.
أما نحن، فإن لم نستفق الآن، فسنُذكر كأغبى أمة عاشت في وهم القوة، بينما العالم يراها تنهار».
كما كتبت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية حول العملية، فقالت:
«مفاجأة للعالم كله… فقد جاء في افتتاحية الصحيفة تحت عنوان «الفلسطينيون أفضل شعوب الأرض في الدفاع عن أوطانهم». ما يلي:
«من أروع ما ينبض به الضمير الحيّ، وأجمل ما تنفتح به الحرية الفكرية، وأنقى ما يثمر عنه التمكن… خسائر إسرائيل في حرب غزة…
كانت خسائرنا (حسب الصحيفة) 912 مليون دولار كل ثلاثة أيام من كلفة الطائرات الحربية وصواريخ الباتريوت وتزويد الآلات بالوقود، فضلاً عن استهلاك الذخائر والصواريخ. هذا من دون احتساب توقف التجارة وانهيار البورصة وشلل المؤسّسات وأعمال البناء وتعطّل الزراعة والصناعة وموت الدواجن في المزارع بملايين الدولار، وتكاليف إيواء الفارين الى الملاجئ، ناهيك عن الدمار الذي خلفته صواريخ المقاومة في البيوت والمحال والسيارات والمصانع.
نحن من أشعلنا هذه الحرب وأوقدنا نارها.. لكننا لسنا من يتحكّم بها.. وبالتأكيد لسنا من سينهيها، نهايتها ليست لصالحنا، خاصة بعد انتفاضة مدن الداخل ضدّنا.
أما الفلسطينيون فهم حقاً أصحاب الأرض، فمن غيرهم يدافع عنها بروحه وماله وأبنائه بقوة.
لو كان شعبنا متمسّكاً بأرض فلسطين حقاً، لما شاهدنا هذه الأعداد الهائلة من اليهود يهربون الى المطارات للهجرة منذ بداية الحرب.
لقد أذقنا الفلسطينيين مرارة القتل والسجن والحصار، وغمسناهم في المخدرات، وحاولنا غزو عقولهم بأفكار منحرفة تبعدهم عن دينهم مثل التحرّر والإلحاد والشك والفساد والشذوذ، لكن المدهش أن تجد من بينهم مدمن مخدرات ينهض ليدافع عن أرضه وأقضاه صارخاً الله أكبر.
إنّ الفلسطينيين ورغم علمهم بما ينتظرهم من إذلال واعتقال لم يتردّدوا يوماً في التوجّه للصلاة في المسجد الأقصى.
لقد أسقط الفلسطينيون في أيام قليلة أسطورة الجندي الإسرائيلي الذي لا يُقهر، فأصبح يُخطف ويُقتل.
أعتقد أنه حتى لو استمرينا ألف عام، هذا إن تمكنّا من البقاء عشر سنوات قادمة كدولة يهودية، فسيأتي يوم ندفع فيه ثمن كل شيء.
الفلسطيني سيعود من جديد… وسيأتي هذه المرة على صهوة جواده متجهاً نحو تل أبيب».
وما زاد الأمر وضوحاً ما توجهت به عضو في الكنيست الإسرائيلي: فقد هاجمت عضو في الكنيست الإسرائيلي رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو بكل شراسة، وخاطبت العالم أجمع وتساءلت: لماذا الصمت على الجرائم التي تُرتكب في غزة؟
لقد مرّت سنوات وسنوات ونحن تحت حكمك والأمور تزداد سوءاً، لقد حملت إلينا الإرهاب المنظم، فقد قتلوا أبناءنا ويتموا أطفالنا نتيجة حربكم غير المبرّرة على القطاع. فأنت المسؤول عن الضحايا ونشر الرعب والعنف. فأنت لا تمثّل إلا الخراب والدمار. بل أنت إنسان دنيء وساذج. أنت حقاً إنسان حقير لا يليق بهذه الدولة وبهذا الشعب العظيم. باختصار أنت لا تستحق أن تكون إسرائيلياً.
ماذا تقول… أيها اليهود.. أيها المكلومون… أيها الضعفاء الى متى ستبقون صامتين أمام ارتكابات هذا الرجل؟ لقد قتل أبناءنا وضيّع جنودنا وجعلنا أضحوكة أمام العالم.
إنكم أنتم شركاء في هذه الجرائم إذا واصلتم الصمت. كفاكم ترداد الشعارات الفارغة والوعود الزائفة.
هذا الرجل ليس بمستوى قيادة دولة ولا يستحق أن يظل لحظة في منصبه.
إسرائيل تستحق قيادة حقيقية تعرف معنى المسؤولية. جنودنا يقتلون ويتركون لمصير مجهول. توقفوا للحظة وفكروا بما حدث في خان يونس. سبعة من جنودنا سقطوا ضحية تصرفات نتنياهو. إن الحقيقة تخفى. كم عائلة ستبقى رهينة الأكاذيب؟ الى متى تخدعون؟ إننا نخسر يوماً بعد يوم. هل تصمتون وأنتم ترون غزة مدمّرة وشعب جائع يقتل؟ نحن نبحث عن حل سياسي.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.