اقتراع المغتربين: معركة تكسير رؤوس؟
بقلم ملاك عقيل
«أساس ميديا»
أطلقت اجتماعات اللجنة الفرعية لمناقشة قانون الانتخاب “ماراتون” تعديل القانون بما يخدم مصالح الأحزاب الكبرى، ومعها المجموعات التي تدور في فلك من يصنّفون أنفسهم في خانة “التغييريّين” والمستقلّين. حتّى الساعة تشير كلّ المعطيات، وعلى الرغم من تضارب اقتراحات القوانين، وتوجّهات القوى المعنيّة بمعركة قانون الانتخاب، إلى أنّ النقاش الفعليّ يدور حصراً حول اقتراع غير المقيمين، و”الميغاسنتر”، والصوت التفضيلي، واستطراداً سدّ ثغرة فوز نوّاب بعشرات الأصوات فقط.
حتّى الآن عقدت اللجنة الفرعية المكلّفة مناقشة قانون الانتخاب، برئاسة نائب رئيس مجلس النوّاب الياس بوصعب، ثلاثة اجتماعات يمكن اختصارها بالنقاط الآتية:
– جدل واسع بين فريقين أساسيَّين من النوّاب، خصوصاً خلال الجلسة الأولى للّجنة، بين من دَفَع باتّجاه إقرار قانون جديد بالمطلق، وبين من يرى أن لا وقت لهذا الترف الانتخابي، وبالإمكان إدخال تعديلات على القانون الحالي الرقم 44/2017، الذي خيضت الانتخابات على أساسه عامَي 2018 و2022، وهو ما يَرفَعه إلى مصافّ القوانين الإصلاحية، وإن بالحدّ الأدنى من التعديلات، خصوصاً لجهة البطاقة المُمغنطة و”الميغاسنتر”.
– خلال إحدى جلسات “الفرعية” حضر وزيرا الداخلية والخارجية، وجرى النقاش بشكل مُفصّل في مسائل اقتراع المغتربين و”الميغاسنتر”، والصوت التفضيلي. كان وزير الداخلية أحمد الحجّار واضحاً لجهة تأكيده أنّ البطاقة الممغنطة، التي تتيح للمقترع التصويت من مكان سكنه، تحتاج إلى متطلّبات تقنيّة وماليّة ولوجستية وتوظيفيّة لا تسمح المهلة الفاصلة عن الانتخابات النيابية في أيّار 2026 بتحقيقها ضمن فترة العشرة أشهر. أمّا الــ”ميغاسنتر” فسيتمّ الركون إليه حتماً، بعد تجربة الانتخابات البلديّة في الجنوب، بسبب استحالة إجراء الانتخابات في القرى الجنوبية المدمّرة، وبعد تجربة انتخابات المغتربين عام 2022.
– بسبب آخر جلسة تشريعية، وجلسة مساءلة الحكومة، ثمّ جلسة رفع الحصانة عن النائب جورج بوشيكيان، أجّلت اللجنة الفرعية جلساتها لمناقشة قانون الانتخاب. فعليّاً، الحكومة، كما مجلس النواب، والقوى السياسية (تتفادى) يتفادون الاصطدام الكبير، خصوصاً لجهة قنبلة “اقتراع المغتربين”، التي تهدّد بانقسام عمودي كبير، ستكون له انعكاسات كبيرة على نتائج الانتخابات النيابية.
ما مصير اقتراع المغتربين؟
ينصّ القانون الحالي على إضافة ستّة مقاعد لغير المقيمين، موزّعة على القارّات الستّ (لم يُحدّد توزيعها بعد)، يصوّت لها المغتربون في الخارج، وتُضمّ إلى مقاعد المجلس النيابي الـ128. قوى مسيحية، كـ”القوّات” و”الكتائب”، ومستقلّون، والحزب الاشتراكي، إضافة إلى البطريركية المارونية، جميعهم يؤيّدون إلغاء هذه المادّة نهائياً، مع تثبيت بند اقتراع المغتربين كلّ في دائرة نفوسه في سفارات عواصم العالم، فيما يضغط “الحزب” وحركة “أمل” و”التيار الوطني الحرّ” للسير بالقانون الحالي، وترك الحرّية للمغتربين للاقتراع على الأراضي اللبنانية.
يقول عضو اللجنة الفرعية لمناقشة قانون الانتخاب آلان عون لـ”أساس”: “التعديل الأساسي في قانون الانتخاب يجب أن يطال اقتراع المغتربين، وهو معضلة في القانون الحالي، فهناك استحالة لتطبيق انتخاب ستّة نوّاب إضافيّين من دون إجراء تعديل على القانون بحسب ما خلصت إليه اللجنة الوزارية المختصّة. وهناك ضرورة لتعديل القانون الحالي في حال اعتماد انتخاب المغتربين للـ128 نائباً. في كلتا الحالتين، يحتاج القانون الى التعديل، وما زال هذا الموضوع معلّقاً في ظلّ انقسام سياسي حادّ بين الكتل السياسية”.
ضغط قوّاتيّ
حاولت “القوات اللبنانية” نهاية حزيران الماضي تطيير نصاب الجلسة التشريعية بعد رفض رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي إدراج اقتراحها المعجّل المكرّر لإلغاء المقاعد الستّة المخصّصة للمغتربين على جدول أعمال الجلسة. قبل ذلك، حاول رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان حَشر الرئيس برّي سائلاً إيّاه: “هل تريد دولة الرئيس أن تسير بعكس الاجتهاد الذي طبّقته على مدى ثلاثين عاماً بإدراج القوانين المُعجّلة المكرّرة على جدول أعمال أوّل جلسة تشريعية تلي تقديم الاقتراح؟”.
أكملت الجلسة “عادي عادي”، وبقي النصاب مكتملاً، لكنّ الجلسة مهّدت لمواجهات حادّة في المرحلة المقبلة، إن كان في ساحة النجمة أو السراي، حول مصير اقتراع المغتربين.
هكذا لم يقتنع برّي، مُتمسّكاً بصلاحيّاته، وأحال الاقتراح إلى اللجنة الفرعية التي لم تجتمع حتّى الآن، منذ تلك الجلسة، لنقاش اقتراح القانون القوّاتيّ. وأحال برّي إلى اللجنة اقتراح قانون آخر بالمضمون نفسه تقدّم به النائب الياس جرادي.
في المقابل، فشل النائب جبران باسيل، حتّى الآن، في تسويق اقتراحه المتوازن، كما يَصفه، بإعطاء الناخب حقّه بالتصويت، إمّا لنائب في الانتشار (من ضمن النواب الستّة)، وإمّا لنائب من الـ128، “ونحن ندعم الحقَّين معاً”.
الأمر المؤكّد حتّى الآن، حتّى لو حصل اتّفاق على السير ببند اقتراع المغتربين لنوّاب القارّات الستّ، وهو أمر مستبعد جدّاً، هناك معضلة سياسية كبيرة في تحديد “التوزيعة الطائفية” لمقاعد الاغتراب.
“الاشتراكي” يُحذّر
يُذكر أنّ الحزب الاشتراكي، مع موافقته على إلغاء بند المقاعد الستّة، لكنّه يرفض السير بالمخطّط القوّاتي – الكتائبي برفع السقوف، حيث سبق أن أصدر بياناً رفض خلاله “المواقف التي تدعو إلى تغيير قانون الانتخابات، ربطاً بما يُحكى عن عملية سلام في المنطقة تستدعي تغيير واقع التمثيل الشيعي النيابي”. واستنكر “هذه الطروحات لما تحتويه من عناوين استهداف داخلي لطائفة أساسيّة”. هو موقفٌ يتلاقى حتماً مع هواجس “الثنائي الشيعي”، في ظلّ موقف موازٍ يسمعه زائرو الرئيس برّي ومفاده: “قوانين الانتخاب لا تُقرّ بتكسير الرؤوس”.
ملاك عقيل
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.