البساط من القاهرة: التزمنا بإطلاق رؤية اقتصادية شاملة «لبنان 2035»
– ألقى وزير الاقتصاد والتجارة عامر البساط كلمة لبنان في أعمال الدورة العادية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي لجامعة الدول العربية المنعقدة في القاهرة. وشدّد في كلمته على الأولوية التي توليها الحكومة اللبنانية للإصلاحات الاقتصادية والمالية، ولحماية السيادة الوطنية كشرط أساسي لتحقيق الاستقرار والتنمية. كما أبرز أهمية عودة لبنان الفاعلة إلى الحضن العربي، معتبرًا أن انخراط لبنان في العمل العربي المشترك ليس خيارًا رمزيًا بل مسارًا استراتيجيًا يعكس قناعة راسخة بأن لبنان لا يقوم إلا بأمته العربية، وأن الأمة لا تكتمل من دون لبنان. وأشار إلى التزام لبنان بإطلاق رؤية اقتصادية شاملة تحت عنوان «لبنان 2035 – نحو استعادة الثقة»، والإعداد لمؤتمر استثماري كبير يُعقد في بيروت في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، داعيًا إلى مشاركة عربية واسعة في هذه المبادرة. كما شدّد على أن التضامن العربي ووحدة الصف يظلان الركيزة الأساسية لمواجهة التحديات. وفي ما يلي نص الكلمة: «يسعدني أن ألتقي بكم اليوم في القاهرة، العاصمة التي لطالما شكّلت جسراً للوحدة العربية، لأشارك باسم الجمهورية اللبنانية في أعمال الدورة العادية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي. ويسعدني أن أنقل إليكم تحيات دولة الرئيس نواف سلام رئيس مجلس الوزراء، وتطلعات الشعب اللبناني إلى مزيد من التضامن والتكامل العربي اجتماعنا اليوم ليس مجرد مناسبة دورية، بل تأكيد على الدور المحوري للمجلس الاقتصادي والاجتماعي باعتباره رئة العمل العربي المشترك. فهو المجلس الذي يضع الأسس العملية للتكامل العربي، ويحوّل القرارات السياسية إلى برامج تنموية ملموسة. لقد شهد لبنان في السنوات الأخيرة إحدى أكثر الأزمات الاقتصادية والمالية تعقيدا في تاريخه. غير أنّ هذه المحنة تحولت إلى حافز لإطلاق مسار إصلاحي شامل. تعمل حكومتنا اليوم على إعادة هيكلة القطاعين المالي والمصرفي، وتعزيز استقلالية القضاء، وتكريس الشفافية ومكافحة الفساد، بالتوازي مع إصلاحات تشريعية ومؤسساتية تهيئ الأرضية لجذب الاستثمارات وتحفيز القطاعات الإنتاجية.
في موازاة ذلك، يتمسك لبنان بسيادته الكاملة على أرضه وبحقه المشروع في الدفاع عن حدوده وموارده. السيادة أساس الاستقرار والتنمية. لا يمكن لأي مشروع اقتصادي أو اجتماعي أن ينجح ما لم يكن مدعوماً ببيئة سياسية وأمنية مستقرة، تكفل صون الحقوق وتحمي الاستثمارات وتمنح المواطنين الطمأنينة في مستقبلهم.
ومن هذا المنطلق، فإن عودة لبنان إلى واجهة العمل العربي المشترك ليست خطوة رمزية، بل خيار استراتيجي نابع من قناعة راسخة بأن لبنان لا يقوم إلا بأمّته العربية، وأن أمّتنا لا تكتمل من دون لبنان. إننا نؤكد اليوم أن لبنان الدولة والمؤسسات عائد إلى بيته العربي بروح منفتحة، وإرادة صادقة، واستعداد كامل ليكون شريكاً فاعلاً في صياغة مستقبل عربي أكثر استقراراً وازدهاراً.
ولا يكتمل حديثنا عن التضامن العربي من دون التأكيد على أن وحدة الصف العربي تبقى شرطاً أساسياً لمواجهة التحديات، وأن القضية الفلسطينية تظل قضيتنا المركزية الأولى، فهي معيار ثبات التزامنا بالعدالة والحق، وأساس أي رؤية لمستقبل عربي أكثر استقراراً وإنصافاً.
إن جدول أعمالنا لهذه الدورة غني بالمواضيع التي تمسّ جوهر واقعنا العربي. وعلى رغم تعدد وتنوع هذه الملفات، الا انها في الحقيقة مترابطة ومتكاملة. فتشجيع الاستثمار العربي المشترك وتطوير منصات دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة لهما أثر مباشر في خلق فرص العمل والحد من الفقر. أما الانخراط الفاعل في ثورة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيات البازغة، فسيكون رافعة للتنمية وتعزيز لموقعنا العالمي.
إن جميع نقاشاتنا اليوم تهمّ لبنان بشكل مباشر. فنحن نعمل بجدّ على برنامج إعادة إعمار بعد الحرب العنيفة التي شهدناها العام الماضي؛ كما نعيد بناء مؤسساتنا الحكومية مع اعتماد كبير على الذكاء الاصطناعي؛ ونبذل جهوداً كبيرة لتعزيز تجارتنا الخارجية. والأهم من ذلك كله، أننا نعمل بجدّ على تشجيع استثمارات القطاع الخاص.
وفي هذا السياق، يسرّني أن أعلن عن مبادرتين: أولاً، نحن في المرحلة النهائية من صياغة رؤية «لبنان 2035 – نحو استعادة الثقة» التي ستحدّد تطلعات وخطط عمل الحكومة الجديدة. ثانياً، نحن بصدد تنظيم مؤتمر استثماري كبير يعقد في بيروت في 18 و19 تشرين الثاني/نوفمبر يركّز على قطاعنا الخاص المزدهر. وفي كلتا المبادرتين، نحرص على أن تكونوا أنتم، أشقاؤنا العرب، شركاء فاعلين معنا.
في الختام، أتوجه بالشكر الجزيل إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية على جهودها، وإلى جمهورية مصر العربية، قيادةً وحكومةً وشعباً، على الاستضافة الكريمة التي تؤكد دور القاهرة المحوري في مسيرة العمل العربي المشترك.
إن التحديات جسيمة، لكن إرادتنا المشتركة أقوى، وإيماننا بمستقبل عربي مزدهر وموحّد لا ي
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.