الخليج يبحث قدرات ردعه… والقمّة تعوّل على نيويورك

2

جوزفين ديب – الدوحة
«أساس ميديا»
بينما كان النقاش في الكواليس يبحث مدى ارتفاع سقف البيان الختامي للقمة العربية والإسلامية الطارئة التي عقدت في العاصمة القطرية، خطف اجتماع المجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي، بمشاركة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الأضواء. اذ أصدر بياناً خاصاً به، مختلفاً عن بيان القمّة. علمت “أساس” من مصادر دبلوماسية خليجية أنّ قطر صبّت اهتماماً بالغاً عما صدر عن الدول الخليجية تحديداً، لما له من وقع يختلف عن وقع بيانات القمم بشكل عام. إلا أنّ أياً من القمتيْن، لم يذهب إلى اقرار إجراءات تنفيذية فورية، بل كان التصعيد في الموقف فقط، وفي موعد حددته قطر مع اجتماع أمني سيعقد لاحقاً لتفعيل آليات الردع الخليجي.
أحد الأسئلة التي طرحت خلال المؤتمر الصحافي المشترك في نهاية القمة، تناول عدم قدرة أي من الدول على إسقاط أو رصد الصواريخ التي استهدفت الدوحة. شكّل ضرب اسرائيل لقطر إحراجاً كبيراً لدول الخليج مجتمعة، فذهبت إلى اعتبار أنّ أمن دول المجلس كلّ لا يتجزأ، وأنّ أي اعتداء على أيٍ منها هو اعتداء عليها جميعاً، وفقاً للنظام الأساسي لمجلس التعاون واتفاقية الدفاع المشترك، واستعداد دول المجلس لتسخير كافة الامكانيات لدعم دولة قطر وحماية أمنها واستقرارها وسيادتها ضد أيةِ تهديدات.
من هذا المنطلق، أوصى مجلس الدفاع المشترك في مجلس التعاون بعقد اجتماع عاجل في الدوحة، يسبقه اجتماع للجنة العسكرية العليا، لتقييم الوضع الدفاعي لدول المجلس ومصادر التهديد في ضوء العدوان الإسرائيلي على دولة قطر الشقيقة وتوجيه القيادة العسكرية الموحدة لاتخاذ الإجراءات التنفيذية اللازمة لتفعيل آليات الدفاع المشترك وقدرات الردع الخليجية.
في هذا الإقرار، اعتبرت مصادر خليجية ديلوماسية لـ”أساس” أنّ دول الخليج وجّهت رسالة عالية السقف، ليس فقط إلى اسرائيل بل إلى الخليفة الاستراتيجية أيضاً، الولايات المتحدة الأميركية.
القمّة: تعويل على نيويورك ومطالبة بوقف تسليح اسرائيل
في خلفية البيان الختامي للقمّة، تعويل كبير على الجمعية العمومية التي ستنعقد في نيويورك في الشهر الحالي وما يمكن أن يصدر عنها. يأتي هذا التعويل بعد التصويت بغالبية أعضاء الأمم المتحدة لصالح دولة فلسطين وحل الدولتين. إلا أنّ البيان الذي جاء من دون إجراءات تنفيذية فورية، دعا الدول كافة إلى إعادة النظر في علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع اسرائيل، ودعا إلى تعليق عضوية اسرائيل في الأمم المتحدة، بالإضافة إلى وقف تسليح اسرائيل.
كانت ايران والعراق والجزائر والسلطة الفلسطينية قد طالبت برفع سقف البيان واتخاذ إجراءات رادعة حقيقية لإسرائيل، إلا أنّه اقتصر على التقيد بسقف يحكم طبيعة التحالفات والتوازنات الإقليمية في المنطقة، وشبكة المصالح الدولية التي تحكم موازين القوى.
روبيو في إسرائيل وبارّاك في الدّوحة
بينما كان المبعوث الأميركي إلى سوريا توم بارّاك يشارك في القمّة بعدما عقد على هامشها عدداً من اللقاءات مع رؤساء وقادة عرب، كان وزير الخارجية الأميركي مايك روبيو يزور إسرائيل ويعقد مؤتمراً صحافيّاً مشتركاً مع رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. صحيح أنّ الولايات المتّحدة الأميركية الحريصة على حليفتها قطر، إلا أنّها حريصة أيضاً على حليفتها إسرائيل وحريصة على أن ينتهي الصراع في المنطقة بالقضاء على “حماس” واستعادة الأسرى.
أمّا قطر، التي كرّست لنفسها دور الوسيط في حروب وأزمات سياسيّة، فهي حريصة على استكمال هذا الدور، رافضة المسّ بصورتها الأمنيّة المستقرّة. وهذا ما جعلها مستفزّة جدّاً من قيام إسرائيل بخرق سيادتها وأمنها.
لذا تقول مصادر دبلوماسية قطرية لـ”أساس” إنّ هذا الاستهداف لا يطال فقط قادة “حماس”، بل هو استهداف لدور قطر في هذه الوساطة، للضغط عليها لإنهاء التفاوض ولإقفال ملفّ “حماس”.
لبنان حاضر على الهامش
في البند رقم 14 حذّر البيان “من التبعات الخطيرة لاستمرار عجز المجتمع الدولي عن لجم العدوانيّة الإسرائيلية، وآخرها العدوان على دولة قطر الشقيقة، وما تزال مستمرّة وتصعّد في عدوانها الوحشيّ على قطاع غزّة المحتلّ، علاوة على ممارساتها الاستيطانيّة غير الشرعيّة في الضفّة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، والاعتداءات المتواصلة على دول المنطقة بما فيها الجمهورية اللبنانية والجمهورية العربية السورية في خرق فاضح للقانون الدولي وانتهاك صارخ لسيادة الدول”.
هكذا ورد لبنان في متن البيان الختامي، بالإضافة إلى ذكره في كلمة رئيس دولة قطر الأمير تميم بن حمد آل ثاني الذي قال إنّ إسرائيل تريد حرباً أهليّة في لبنان وإنّها واجهت الورقة الأميركية في لبنان بالاغتيالات.
من جهته كان لبنان قد قدّم اقتراحاً بذكر ضرورة الانسحاب الإسرائيلي والتزام تطبيق اتّفاق وقف النار ووقف الاغتيالات. ولكنّ غزّة تقدّمت عبر وساطة قطر سلّم الأولويّات على اعتبار ما تمثّله قطر في مجلس التعاون الخليجي أوّلاً، وفي حلفها الاستراتيجيّ مع واشنطن ثانياً.
أبدت القمّة وبيانها الختامي، إضافة إلى كلّ مداخلات الرؤساء، موقفاً واحداً في وجه إسرائيل، مستنكِراً، مندِّداً، شاجباً وملوّحاً بخطورة سلوك نتنياهو على مستقبل علاقة دول المنطقة مع إسرائيل.
ما هي تداعيات الخرق الإسرائيلي للساحة القطريّة؟ ما هي دلالات القمّة وبيانها الختاميّ؟ إنّها تساؤلات ستظهر الإجابات عليها في الأيّام المقبلة، في ما ستشهده المفاوضات بين إسرائيل و”حماس”، وفي ما ستقوم به قطر على هذا المستوى.
جوزفين ديب – الدوحة

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.