الدوحة: النظام الدولي أمام الاختبار
تضامن دولي مع قطر وإدانات شديدة للعدوان ومجلس الأمن يشدّد على دعم سيادتها
انطلقت جلسة مجلس الأمن الدولي الطارئة لمناقشة العدوان الإسرائيلي على قطر، بحضور رئيس وزراء قطر وزير الخارجية، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، عند الساعة الثالثة من بعد ظهر نيويورك. كما شارك في الجلسة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، وممثلون من الإمارات العربية المتحدة والكويت ومصر والعراق وتركيا.
وقبل أن تبدأ الجلسة أصدر مجلس الأمن بيانًا صحافيًا بالإجماع، أدان فيه الضربات على قطر دون أن يذكر من قام بها. وكانت المسودة الأولى للبيان خالية من الإدانة، لكن إصرار الدول الأعضاء في المجلس أدى إلى تنازل الولايات المتحدة وقبولها بالإدانة من دون ذكر إسرائيل، مع الإشارة إلى حركة حماس في موضوع الرهائن.
وأكد أعضاء المجلس على أهمية خفض التصعيد، وأعربوا عن تضامنهم مع قطر. كما أكدوا دعمهم لسيادة قطر وسلامة أراضيها، بما يتماشى مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة. وأكد أعضاء المجلس دعمهم للدور الحيوي الذي تواصل قطر لعبه في جهود الوساطة في المنطقة، إلى جانب مصر والولايات المتحدة.
وأكد الأعضاء أن إطلاق سراح الرهائن، بمن فيهم أولئك الذين قتلتهم حماس، وإنهاء الحرب والمعاناة في غزة، يجب أن يظلا على رأس الأولويات. وفي هذا الصدد، أكدوا مجددًا أهمية الجهود الديبلوماسية المستمرة التي تبذلها قطر ومصر والولايات المتحدة، ودعوا الأطراف إلى اغتنام فرصة السلام.
مداخلات في الجلسة
وكانت أول المتحدثين السيدة روزماري ديكارلو، وكيلة الأمين العام للشؤون السياسية وبناء السلام، التي أدانت الهجوم الإسرائيلي على الدوحة الذي “صدم العالم”، مضيفة أنه قد يفتح “فصلًا جديدًا وخطيرًا” في الصراع المدمر، ما يهدد السلام والاستقرار الإقليميين بشكل خطير.
ووصف مندوب الجزائر، عمار بن جامع الضربة بأنها “عمل غير قانوني يقترن بسجل لا ينتهي من الانتهاكات الإسرائيلية المنهجية”، مضيفًا أن “إسرائيل تتصرف وكأن القانون الدولي غير موجود، وكأن سيادة الدول نصّ يمكن شطبه متى شاءت، وكأن ميثاق الأمم المتحدة مجرّد ورق زائل”.
وأردف السفير قائلًا: “في غزة تُزهق أرواح الأبرياء بالآلاف، والعالم يشاهد صور الدمار المروعة بلا حراك، ومع ذلك لم ترتوِ السلطات الإسرائيلية من الدماء. لقد قصفت إسرائيل سوريا ولبنان واليمن، وها هي اليوم تضرب دولة قطر، الوسيط المعروف في مساعي السلام. هذا ليس قوة، بل تهوّر وجنون، وعلامة على حكومة متطرّفة تجرّ العالم إلى الهاوية”.
كما أدان السفير الباكستاني، عاصم إفتخار أحمد، “بأشد العبارات هذا العدوان غير القانوني وغير المبرر الذي يهدد سيادة قطر، ويُعدّ خرقًا واضحًا للمادة الرابعة والعشرين من ميثاق الأمم المتحدة وللقانون الدولي”.
من جانبها، قدّمت ممثلة الولايات المتحدة، السفيرة دوروثي شي تعازيها للشهيد القطري فقط واستثنت الفلسطينيين الخمسة، وأكدت أن “القصف الأحادي داخل قطر لا يخدم أهداف إسرائيل أو الولايات المتحدة”.
وشددت على أن “القضاء على حماس والجماعات الإرهابية الأخرى هو هدف يجب أن يتحقق، لأن هذه الجماعات لا مستقبل لها في غزة”.
وأكدت سفيرة المملكة المتحدة، باربرا وودورد، ثلاث نقاط في كلمتها: “التضامن الكامل مع قطر”، محذّرة من أن “هذه الهجمات تقوّض مفاوضات وقف إطلاق النار ولن تحقق السلام في الشرق الأوسط”.
كلمة عبد الرحمن آل ثاني
بعد انتهاء كلمات الدول الأعضاء أعطيت الكلمة لرئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، فقال إن الهجوم الإسرائيلي “الغادر” قامت به “قيادة متطرّفة بعيدة كل البعد عن سلوك الدول المتحضرة المؤمنة بالسلام”، ويضع النظام الدولي برمته أمام اختبار حقيقي.
وأضاف: “لقد تجاوزت إسرائيل، بقيادة المتطرّفين المتعطشين للدماء، جميع الحدود التي تفرضها الأعراف والقوانين الدولية، بل حتى أبسط الأصول الأخلاقية في التعامل ليس مع الدول، بل حتى بين البشر، ولم يعد ممكنًا التنبؤ بما يمكن أن تفعله.
وطالب رئيس وزراء قطر مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته التاريخية، “فالصمت أمام فرض شريعة الغاب واستهداف دولة ذات سيادة في وضح النهار يقوّض قواعد العمل الدولي، ويهدد مستقبل أي عملية سلام في منطقتنا”. وأوضح أن بلاده ستواصل دورها الإنساني والديبلوماسي دون تردد أينما كان هذا الدور “طريقًا نحو حقن الدماء”، لكنها لن تتهاون إزاء أي مسّ بسيادتها وأمنها، “وتحتفظ بحقها المشروع في الردّ عبر الوسائل التي يكفلها القانون الدولي”. وقال: “نحن في قطر دعاة سلام، لا دعاة حرب. وقد اخترنا السلام منهجًا ولن يرجعنا عنه دعاة الحرب والدمار”.
من جهته، شدد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي على أن المجتمع الدولي يجب أن يتحرك فورًا وبفعالية “للجم غطرسة” الحكومة الإسرائيلية وحماية المنطقة بأسرها من “كارثية أفعالها”. ووصف الحكومة الإسرائيلية بأنها “مارقة، ملطخة بدماء الأبرياء، مجبولة على التطرّف والكراهية، لا تكترث بالقانون الدولي ولا ترتدع بالقيم الإنسانية، وتعتبر نفسها فوق القانون، وتعتمد البطش لفرض عقائدية عنصرية وتحقيق أهداف توسعية تهدد السلم والأمن في المنطقة والعالم”، مشددًا على أن هذه هي حقيقة الحكومة الإسرائيلية.
واختتم الصفدي كلمته بالتأكيد على أن “الحقائق تشير إلى أنه لا شريك إسرائيلي حقيقي للعمل على تحقيق السلام العادل في الوقت الحالي”، داعيًا إلى التكاتف العربي والدولي لوقف هذه السياسات العدوانية وحماية الأمن والاستقرار في المنطقة.
وتحدث السفير الكويتي، طارق البناي، نيابةً عن أعضاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، حيث أكد على التضامن الكامل مع دولة قطر، ورفض أي انتهاك لسيادتها وأمنها واستقرارها. وأوضح أن موقف مجلس التعاون الخليجي الراسخ يتمثل في تحميل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن “هذا الفعل المشين وتبعاته”، وعدم التهاون بأي مساس بأمن دول المنطقة أو العبث باستقرارها.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.