الذهب يسجل ارتفاعاً قياسياً جديداً والفضة 2025: صعود يتجاوز الـ 50%

4

زادت أسعار الذهب امس الأربعاء، لتحوم بالقرب من ارتفاع قياسي مع اقتراب الولايات المتحدة من إغلاق الحكومة، مما عزز الطلب على الملاذ الآمن، في حين دعمت بيانات العمل الأميركية الضعيفة التوقعات بمزيد من التخفيضات في أسعار الفائدة.

وصعد الذهب في المعاملات الفورية بنحو 0.2 بالمئة إلى 3861.22 دولار للأوقية (الأونصة). وسجل المعدن الثمين ارتفاعاً بنحو 12 بالمئة في سبتمبر/أيلول، مما يجعله أعلى ارتفاع شهري له منذ أغسطس/آب 2011. وارتفعت العقود الأميركية الآجلة للذهب تسليم ديسمبر /كانون الأول بنسبة 0.4 بالمئة إلى 3888.80 دولار. وفشل مجلس الشيوخ الأميركي يوم الثلاثاء في إقرار تشريع لتمديد التمويل الحكومي، مما دفع البلاد إلى الاقتراب من الإغلاق، بينما هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتخفيضات إضافية في القوى العاملة بالحكومة الاتحادية.  وقد يؤدي الإغلاق إلى تأخير صدور تقرير الوظائف غير الزراعية الذي يحظى بمتابعة وثيقة والذي من المقرر صدوره يوم غد الجمعة، وهو مؤشر رئيسي لقرارات السياسة الاتحادية. وعززت البيانات الاقتصادية التوقعات بإقدام مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي (البنك المركزي) على تخفيض أسعار الفائدة. ويزدهر الذهب، وهو وسيلة تحوط تقليدية ضد حالة عدم اليقين، في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة بسبب طبيعته التي لا تدر عائداً. وسجل الذهب عدة مستويات قياسية هذا العام، كان آخرها 3871.45 دولار في 30 سبتمبر /أيلول.

والفضة 2025: صعود مستمر

سجّلت الفضة قفزةً لافتة هذا العام، إذ ارتفع السعر الفوري بأكثر من 50% منذ بداية 2025 وحتى أواخر أيلول / سبتمبر، بعدما لامس مستويات تفوق 47 دولاراً للأونصة للمرة الأولى منذ أكثر من 14 عاماً. هذا الأداء الاستثنائي جاء متزامناً مع اندفاع الذهب إلى قمّة تاريخية فوق 3,800 دولار للأونصة، في بيئة تتزاوج فيها رهانات خفض الفائدة الأميركية مع تزايد دوافع الملاذ الآمن.

ما الذي يدفع الفضة؟

 تأتي قوة الفضة من مصدرين متداخلين: أولاً، الزخم الاستثماري المرتبط بالملاذات الآمنة الذي تعزّز مع قفزة الذهب القياسية وتزايد مخاوف الإغلاق الحكومي الأميركي واخطار تباطؤ النمو العالمي. ثانياً، الطلب الصناعي الهيكلي، ولا سيما في الطاقة الشمسية والإلكترونيات، مقابل معروضٍ يواجه عجوزات متكررة في السنوات الأخيرة، وهو ما يخلق أرضية أساسية داعمة للسعر ويُقلّص فعلياً هامش الخطأ في التقييمات. تقارير السوق هذا العام أشارت إلى أن الفضة تمضي في عامٍ خامس من العجز الهيكلي، ما يجعل أي هبوط حاد أقرب إلى «تصحيح داخل اتجاه صاعد» منه إلى انعكاسٍ كامل للاتجاه.

العلاقة مع الذهب:

ارتباطٌ قوي لكنه غير ثابت

 تاريخياً، تتحرك الفضة والذهب معاً في الاتجاه نفسه مع ميل الفضة إلى تضخيم موجات الذهب صعوداً وهبوطاً. بيانات بورصة شيكاغو (CME) تُظهر أن الارتباط المتدحرج لتقلبات الأسعار اليومية بين المعدنين غالباً ما يقع ضمن نطاق مرتفع يتراوح تقريباً بين 0.68 و0.95، مع فتراتٍ نادرة يضعف فيها هذا الارتباط قبل أن يعود ويتماسك. عملياً، يعني ذلك أن موجات صعود الذهب كثيراً ما تُسرِّع صعود الفضة، فيما تجعل دورات التشديد المالي أو قوة الدولار الفضة أكثر عرضة للتذبذب.

نسبة الذهب إلى الفضة: أين نقف الآن؟

نسبة الذهب/الفضة هي حاصل قسمة سعر أونصة الذهب على سعر أونصة الفضة، وتُستخدم كميزانٍ نسبيّ لتقييم أي المعدنين مبالغٌ في سعره مقارنة بالآخر. في أواخر أيلول  تدور هذه النسبة قرب 85–86، وهو مستوى يعكس أن الفضة رغم قفزتها الكبيرة لا تزال تملك هامشَ لحاقٍ إضافي إذا واصل الذهب تمسّكه بمستوياته القياسية. تاريخياً، تميل النسبة إلى الانخفاض في مراحل تفوق الفضة ضمن الأسواق الصاعدة، وترتفع في موجات النفور من المخاطرة حينما يتفوّق الذهب باعتباره الملاذ الأكثر نقاءً. وعلى المدى القريب، ستظل حركة الفضة أسيرة مسار الدولار والعوائد الحقيقية الأميركية، لأن تراجع العوائد هو الوقود المباشر لتدفقات المعادن. بلوغ الذهب قمماً تاريخية فوق 3,800 دولار يشير إلى أن القوة الدافعة الكلية لا تزال قائمة، وأن ما نراه ليس مجرد قصة لحاقٍ قصيرة الأجل للفضة بل إعادة تسعير أوسع للأصول الحافظة للقيمة. لكن الأهم هو أن موجة الصعود الحالية ليست عابرة، بل تعكس تغيّراً في ديناميكيات السوق العالمية. الفضة استفادت من دخول المستثمر المؤسسي بشكل أكبر عبر الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs)، وهو ما عزز الطلب الاستثماري بشكل ملحوظ. كذلك، يشير استمرار العجوزات الهيكلية في المعروض للعام الخامس على التوالي إلى أن الأسعار الحالية ليست بالضرورة فقاعة، بل ربما بداية لمرحلة إعادة تقييم جوهرية لمكانة الفضة في المحافظ الاستثمارية.

هناك أيضاً عامل جيوسياسي لا يقل أهمية: تصاعد النزعات نحو عالم متعدد الأقطاب وتزايد الحديث عن فك الارتباط مع الدولار في بعض الاقتصادات الكبرى. هذه التحولات ترفع من جاذبية الأصول الملموسة مثل الذهب والفضة كجزء من سياسات التحوّط.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.