الزعيم وليد جنبلاط ضرورة وطنية وعربية…
كتب عوني الكعكي:
يوماً بعد يوم، تزداد قناعتي بموقف الرئيس نبيه بري بالنسبة لاستيعاب الزعيم وليد جنبلاط.. فحجم المؤامرة الإسرائيلية على جميع الطوائف ليس له حدود، خاصة اليوم.. وتحديداً في سوريا.. حيث أصبح جليّاً، أنّ المسعى الإسرائيلي يشكّل هدفاً هو تقسيم سوريا الى 4 دول طائفية: دولة علوية ودولة درزية ودولة كردية ودولة سنّية.
طبعاً هذا المخطط التاريخي لإسرائيل موجود منذ التاريخ، خصوصاً أنّ «إسرائيل» ومنذ إنشائها رفعت شعار دويلات طائفية، ففي عام 1948 طرحت موضوع دولتين: دولة يهودية ودولة فلسطينية.. وكانت تقول دائماً إنّ الدولة اليهودية يجب أن تكون لليهود فقط، إذ لا يمكنهم أن يعيشوا مع العرب.
ومنذ ذلك الوقت كانت إسرائيل تعتبر أنّ لبنان يشكّل أكبر خطر عليها. في حين تدّعي إسرائيل أنها لا يمكن أن يعيش فيها اليهود مع أي كائن طائفي آخر.
في ذلك الوقت جاء التحدّي من لبنان، إذ كيف يعيش المسلم مع المسيحي، والدرزي مع المسيحي، والشيعي مع المسيحي، والسنّي مع الروم ومع الموارنة. هذا الكوكتيل من الطوائف تعيش مكوّناته مع بعضها بدون أي مشاكل.
هذا النموذج تكرهه إسرائيل، وتعتبره تحدٍّ لوجودها.. لذلك بدأت المؤامرات منذ تأسّست دولة إسرائيل ولن تتوقف.
للأسف افتعلت أحداث وجرائم في منطقة السويداء التي تشكّل الدروز أغلبية سكانها، وحدثت المجزرة.. ولا تزال الدولة مقصّرة في الكشف عن الذين قاموا بهذه المجازر.. ولكن الذي حدث، أنّ إسرائيل غذّت هذه الحادثة وخصّصت لها المليارات من «الشيكلات» لدعم انفصال الدروز عن الدولة الأم، أي أن تقوم الدولة الدرزية.. استجاب عدد من رجال الدين للدعوة الإسرائيلية وبالأخص رجل الدين حكمت الهجري، ويوسف جربوع، ولكن يبدو أنّ الحماس تراجع في الفترة الأخيرة.
في ذلك الوقت برز موقف مميّز للزعيم وليد جنبلاط، فهو رفض التقسيم والانفصال، ولم يكتفِ بالرفض بل ذهب الى أبعد من ذلك، حيث حذّر من المؤامرة التي تُـحاك على الطائفة الدرزية، وألقى الضوء وبيّـن مصلحة الدروز وهي البقاء في الحضن العربي حيث الأسواق العربية مفتوحة لهم ومجالات العمل أكبر بكثير من العلاقة مع إسرائيل.
صحيح أن الزعيم وليد جنبلاط خائف ولكنه يسعى ليلاً ونهاراً، ويحذّر الدروز من الذهاب بعيداً بما يسمّى «الدولة الدرزية».
بالرغم من كل الظروف لا يزال الزعيم وليد جنبلاط يناشد أهله في السويداء بشكل مكثف، وخاصة من خلال الإعلام يشرح ويفصّل للجميع أهمية إبقاء الدروز ضمن محيطهم العربي والفوائد التي يمكن أن يحصلوا عليها، عكس التقوقع، وتنفيذ المخططات الإسرائيلية التي لا تريد الخير لا للدروز ولا لأية طائفة أخرى.
اليوم كل المسؤوليات تقع على النظام الجديد في سوريا، وهو نظام الرئيس أحمد الشرع… وعنده الكثير من المشاكل التي يعاني منها الشعب السوري من خلال 14 سنة حرب أهلية دمّرت البلاد والعباد، ويكفي أن يكون نصف الشعب السوري قد هُجّر، ومليون وخمسماية ألف قتلوا.
سوريا اليوم بحاجة الى كلّ العرب، كما على العرب واجب وطني، هو مساعدة الشعب السوري مالياً واقتصادياً كي يعوّضوا ما خسره الشعب السوري على الصعيد الاقتصادي والزراعي والتعليمي، والأهم الطبّي. ويكفي أن يكون العدد الأكبر من المستشفيات قد دُمّر، وعدد كبير من الجامعات قد دُمّر أيضاً، الى المستوصفات التي لم تعد صالحة لاستقبال المرضى.
الفرصة كبيرة أمام العرب لاسترجاع سوريا، والوقوف مع النظام الجديد الذي يبدو أنه سيكون نظاماً ديموقراطياً حقيقياً، لا مجرّد أوهام واهية.
كذلك، فإنّ سوريا اليوم بحاجة الى مشاريع وفرص عمل للشعب كي تعوّض ما خسرته خلال فترة الحرب.
الشعب السوري شعب بسيط ويعمل بجهد وهو ناجح.. ويكفي أن يكون أهم الأطباء في ألمانيا من أصل سوري، وخاصة الذين نزحوا من سوريا خلال الحرب السورية. ولا يحمي السوريين إلاّ نظام ديموقراطي وطني على علاقات مميّزة مع إخوانه العرب.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.