“الشرق” تفتح ملف السدود: كوارث مالية، فساد، تنفيعات وبازار سياسي-انتخابي
فضيحة سد جنّة وهدر المال العام
خاص الشرق
لبنان وفق تصنيف احدى الدراسات الاميركية هو خزان الشرق الاوسط للمياه. لبنان غني بالمياه وبمصادرها. وللأسف، أغنى بلد بالمياه يعاني مواطنوه من شح في المياه ويضطرون الى شرائها حيث لا تصل الى عدد من المناطق ناهيك بالجفاف الذي يصيب عدد من الينابيع والانهار صيفا. التلوث الذي تعاني منه الانهار على رأسها الليطاني افقد لبنان ايضا مصادر للمياه النظيفة. السياسات الخشبية العقيمة التي لم تقدم اي خطط او تنفذ مشاريع لتخزين مياه الامطار والمياه الجوفية تعتبر من ابرز اسباب هدر المياه في لبنان.
ما هي الحلول العلمية لتخزين المياه في لبنان؟ تبرز معظم الدراسات والتوصيات التي تقدم بها خبراء فرنسيون منذ ما يقارب السبعين عاما بعد تكليفهم من قبل الدولة اللبنانية ان نسبة مياه المتساقطات تقدر سنويا ب حوالي 3 مليار متر مكعب وهي مصدر هام جدا للمياه حيث تتخزن كمياه جوفية. اذا الحلول تكون عبر خطط ومشاريع لتخزين وحفظ هذه المياه من اجل استخدامها في ما بعد من قبل المواطنين.
اما لوزير المياه والطاقة السابق جبران باسيل وفريقه السياسي الذي استلم وزارة الطاقة على مدى اكثر من 15 سنة منذ 2010 حتى ال 2025 كلام آخر. اهمل باسيل هذه الدراسات كلها وكلام الخبراء الفرنسيون، الاميركان والالمان واعتمد على حسه الوطني لإيجاد حلول لتخزين المياه في لبنان. ذهب باسيل عكس الدراسات كلها. اتخذ القرار بإنشاء 8 سدود من اجل تخزين المياه السطحية التي لا تتعدى نسبتها تقريبا الميار متر مكعب سنويا اي ثلث نسبة المياه الجوفية التي يمكن تخزينها بكلفة اقل بكثير من كلفة السدود.هذه السدود اصبحت هدفا” بغض النظر عن النتائج. هذا ان نجحت هذه السدود بالقيام بالمهمة التي انشأت لأجلها من الاساس. سدود عبارة عن برك مياه وكسارات، بعضها امام القضاء اليوم كسد المسيلحة وسد بقعاتا. اما سد جنة فهو فضيحة الفضائح. الخلاصة عبارة عن هدر حوالي 300 مليون دولار.
“الشرق” تفتح ملف السدود والفضائح التي رافقتها من فساد وهدر للمال العام والبداية مع سد جنّة على حلقتين.(الحلقة 1)
سد جنّة وتكلفة ككرة الثلج
الواقع ان السدود في لبنان تسببت بكوارث مالية وهدر للمال العام واستخدمت وتستخدم اليوم في البازار السياسي من دون ان تنجح في تجميع المياه! ابرز هذه السدود هو سد جنّة على نهر ابراهيم في منطقة قرطبا. وعدنا وزير المياه والطاقة السابق جبران باسيل انه سيكون جاهزا للاستخدام في 2017 ومن ثم تغير التاريخ الى 2019 ومن ثم 2020 ولم يبصر السد النور بل حصلنا على بركة لم تجمع مترا واحدا من المياه وكسارة ثم توقف العمل به بفضيحة كبيرة: هدر للمال العام، اهمال الدراسات فكانت النتيجة بركة مياه صغيرة فوق مصفاة، تكليف شركة متهمة بالفساد عالميا.
ثانيا”، بالعودة الى تكلفة سد جنّة وتحديدا الارقام التي اعلن عنها انها رصدت لإنشاء هذا السد تظهر حجم هدر المال العام حيث انها ارقاما غير ثابتة فمرة يعلن عن انها تقدر ب 220 مليون دولار اميركي، تارة اخرى وفي تصريحات متفاوتة لباسيل على فترات متعاقبة يعلن فيها بداية ان تكلفة السد 230 مليون دولار لتبلغ 265 مليون دولار في تصريح آخر ووصلت في تصريح آخر الى 330 مليون دولار واخيرا وفي تصريح لمدير عام مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان السابق جان جبران وقبل عزله من منصبه على اثر فضيحة سد جنّة الى 400 مليون دولار اميركي. لا يوجد رقم واحد او ثابت لكلفة هذا السد. هذا التضارب في المعلومات عن كلفة السد اكبر دليل على هدر المال العام حيث تم التمنع عن الافصاح عن الكلفة الحقيقية للسد ناهيك بارتفاع الكلفة خلال فترة الانشاء.
سد جنّة استثمار سياسي
هذا السد استعمله وزير السدود جبران باسيل للاستثمار السياسي على انه سيؤمن حوالي 100 مليون متر مكعب من المياه لأهالي المتن وكسروان وبيروت ليتبين ان السد وفق الدراسة التي اجريت له سعته بحدود 30 مليون متر مكعب وفي النتائج النهائية تبين ان السد لن يؤمن اكثر من 7 مليون متر مكعب من المياه! هذا تضليل للرأي العام واستثمار شعبوي. هل هذه الكمية من المياه تستحق ان تصرف عليها ملايين الدولارات التي ذهبت هباء؟! يبدو ان الاستثمار الانتخابي والنكايات السياسية تستحق وها هو استثمار هذا السد الفاشل انتخابيا عاد على لسان باسيل في آخر اطلالاته الاعلامية والشعبية حيث يتم تضليل الرأي العام مجددا بسد فاشل موقعه اشبه بمصفاة بسبب الصخور الكالستية او الكلسية والصخور المتشققة التي لا تسمح اساسا بتجميع المياه في السد ولا بإقامة حائط السد. والدليل على النكايات السياسية ان باسيل كلف مصلحة مياه بيروت وجبل لبنان بتمويل والاشراف على بناء السد وهذه مخالفة قانونية ولكنه قام بها حرصا منه على عدم المرور بمجلس الانماء والاعمار كما يجب قانونيا بالاضافة الى التفرد بالقرار ورفض اجراء دراسة اثر بيئي للسد بل اعتبروا مجرد المطالبة بها هي نوع من المناكفة السياسية! (يتبع).
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.