الطويل لـ «الشرق» هناك محاولات من أغلبية المدارس الخاصة لتغييب دور لجان الأهل
بين التعليم الخاص والرسمي وحدها الأقساط من يحدد خيارات الأهالي
كتبت ريتا شمعون
بدا التعليم في لبنان منذ العام 2019 يفقد وزنه كقيمة تربوية وأدبية، وبدأ يتراجع دوره في بناء الانسان، فرجال الأعمال والسياسة والدين في لبنان اكتشفوا أن الاستثمار في حقل التعليم هو من أكثر الاستثمارات إدراراً للربح السريع والسهل، بصرف النظر عن الجودة وحسّ المسؤولية والحرص على تنشئة طلاب ذوي كفاءة، ولكي يزدهر التعليم الخاص ويتحقق ما أرادوا من أرباح كان لا بدّ من اضعاف التعليم الرسمي في لبنان. عمليا هو العام الدراسي الاول بعد انطلاقة العهد الجديد، ومعه يعاد طرح الملف التربوي بوصفه حجر الزاوية في بنية أي مجتمع وأساس أي إصلاح مرتجى، إذا رفع الحظر وتمّ اللقاء مع رئيس الجمهورية جوزف عون واستمع الى هواجس لجان الأهل في المدارس الخاصة في لبنان ومطالب القطاع التربوي وعلى رأسها ارتفاع الأقساط المدرسية في المدارس الخاصة، وهي القضية التي تشكل مصدراً للقلق لدى الأهالي حيث تتكرر الهواجس التربوية في كل عام دراسي في لبنان، لكنها هذا العام أكثر حدّة. وكعادتها تتذرع المدارس برواتب المعلمين وتطوير المناهج وترفع الاقساط لتترواح هذا العام 2025-2026 بين 50 و120% ، متسلحة بفكرة أنها الخيار الوحيد، وفق ما أكدته رئيسة اتحاد لجان الاهل في المدارس الخاصة لما الطويل. والازمة لم تقتصر على التعليم الخاص وحده، فوزارة التربية قررت تمديد العمل بأربعة أيام دراسية في المدارس الرسمية بدلاً من خمسة، بحجة العجز عن دفع مستحقات المعلمين وبدلات النقل، فضلاً عن أنها تعاني في الأساس من نقص في الموارد والإمكانات ومن صعوبات ناجمة عن الاضطرابات المتكررة في البلد، مما يجعلها خياراً غير جذاب للكثير من الاسر مقارنة بالمدارس الخاصة على الرغم من الجهود المبذولة لتحسينه، ومع ذلك تقول الطويل، في حديث لجريدة « الشرق» أن هذا الوضع دفع العديد من الأسر الى نقل أبنائهم من التعليم الخاص الى الرسمي، مشيرة الى ان هناك شكوكا حول وجود خطة متعمدة لضرب التعليم الرسمي في لبنان لمصلحة القطاع الخاص. وتتابع الطويل في هذا السياق، بدل اعتماد 4 أيام تدريس اسبوعيا في المدارس والثانويات الرسمية للعام الدراسي 2025-2026 وكأنها حلّ مبتكر، تؤكد ان هذا التقليص لا يحلّ أيا من مشكلات التعليم لأنه يحرم الطلاب من فرص التعلم الكافية مضيفةً: حيث من المفترض أن تبني الحكومة مدارس جديدة حتى يتم استيعاب عدد كبير من طلاب لبنان، بعد أن خدمت التربية لعقود السياسة والسياسي في لبنان. بين التعليم الخاص والرسمي وحدها الاقساط اليوم من يحدد خيارات الأهالي ولا عجب من زيادات الأقساط المدرسية،إذ تعتبر الطويل، أن قيمة الاقساط التي تحددها أغلبية المدارس الخاصة في لبنان هي عشوائية وغير قانونية، وتفوق قدرات الاهالي، وتشير الى ان هذه الزيادات تأتي للأسف نتيجة غياب المحاسبة والمساءلة « ودولتنا مش سئلانة»، رغم انه يوجد قانون في الدستور اللبناني يؤكد على حق كل لبناني في التعليم، ومع ذلك، سلب هذا الحق. وتؤكد الطويل، أن إدارات المدارس الخاصة» المحمية من كافة المرجعيات الدينية والاحزاب والتيارات السياسية في لبنان» ترفض الالتزام بمندرجات القانون 515 والتعديلات والحلول المقترحة بشأنه في مجلس النواب وتحديدا في لجنة التربية النيابية التي يجب أن تقرّ لتحقيق رقابة فعلية على زيادة الاقساط « كإدخال مبدأ الرقابة المالية ومبدأ التدقيق المالي في المدرسة، لافتة الى وجود محاولات من أغلبية المدارس الخاصة لتغييب دور لجان الأهل، خاصة فيما يتعلق بالرقابة على الموازنات والتكاليف، على الرغم من ان القانون يمنح هذه اللجان صلاحيات واسعة للتدقيق في كل ما يتعلق بالاموال التي تتقاضاها المدرسة من أولياء الأمور. وبالرغم من الالحاح والتواصل المستمر الذي نقوم به، كاتحاد لجان الأهل مع المعنيين في وزارة التربية، لم نلقى إجابات كافية على أسئلتنا، خصوصا أن لوزراة التربية دور رئيسي في المادة 13 من القانون 515 الخاص بالتعليم الخاص حيث تعطى الوزارة صلاحية تحديد قيمة الاقساط المدرسية والزيادات وتلزم المدارس الخاصة بالتقيد بهذه القرارات تحت طائلة الملاحقة القضائية واحالة الموازنات المخالفة الى المجالس التحكيمية، المعطّل تشكيلها بارادة هذه المرجعية أي «وزارة التربية» منذ أكثر من 15 سنة، والسؤال المطروح اليوم: هل هو تواطؤ أو أجندة سياسية لتدمير القطاع التربوي الرسمي في لبنان؟
ورأت الطويل، أن أحد الحلول لمعالجة مشكلة الاقساط المدرسية هو تشكيل المجالس التحكيمية التربوية عبر صدور مرسوم من اجل حماية الأهل ومساعدتهم في اللجوء الى القضاء ووضع معايير لتلك الاقساط ، لقناعتنا بأن المجالس التحكيمية وسيلة توضع بخدمة الأهل والمدرسة لحلّ أي خلاف بدل ترك هذه الخلافات للتجاذبات. وتذكر الطويل، بأحكام القانون 515 لجهة تقديم الموازنات بشفافية، والتصريح عن رواتب الأساتذة، والتسديد لصندوق التعويضات مع اشتراط توقيع لجان الأهل على الموازنة، معربة عن امتعاضها من غياب التفاعل من قبل وزارة التربية من شهر شباط الماضي مع الأسئلة والهواجس التربوية، التي طالبناها بإعداد دراسة علمية حول موضوع الزيادات وأن تضع الحدّ الأدنى والأقصى للزيادات المترتب عن هذا القانون. وتؤكد الطويل، أن المدارس الخاصة كلها رفعت الاقساط وقد تراوحت الزيادات في أغلبية المدارس التابعة لاتحاد المؤسسات التربوية بين 50% وتجاوزت الـ 120% في المدارس الخاصة التي تعتبر نخبوية «Elite» عما كانت عليه قبل الأزمة، لكنها في المقابل لم تحسن مداخيل الاساتذة، وحمّلت أهالي الطلاب أعباء مالية غير مبررة، حيث لم يعد أمامهم أي أمل في الاصلاح الذين راهنوا على تحقيقه في هذا العهد، فاتحاد لجان الاهل والأهالي لم يلمسوا أي تحرك جدّي من المسؤولين لوقف تعسف إدارات المدارس، مشيرة الى ان هناك ضغوط على وسائل الاعلام تجعلهم يترددون في نشر صرخة الأهالي، مطالبة بكسر قرار الحظر المفروض على اتحاد لجان الأهل لتأمين فرصة لقاء رئيس الجمهورية ولقاء رئيس الحكومة. وتساءلت الطويل، هل الهدف من الزيادات هو استرجاع أموالهم من المحتجزة في المصارف على حساب الأهالي؟ خصوصا أن الدولة لم تنجح حتى الآن في اقرار قانون يسترد أموال المودعين في لبنان. وطالبت الطويل، إدارات المدارس بالإجابة عن هذا السؤال: إذا كانت الاقساط المدرسية المرتفعة تخصص لدعم المعلمين، وإذا لم يخصص سوى جزء ضئبل منها فأين تذهب بقية الأموال؟مؤكدة أن المدارس التي تمنح رواتب مرتفعة للمعلمين قليل في لبنان، وتشير الى ان هناك تباينا كبيرا في رواتب المعلمين بين مختلف المدارس الخاصة.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.