الفكر هو بداية أي ثروة
بقلم نزيه عبدو حمد
رئيس مجموعة نزيه اللبنانية الخليجية
في زمنٍ تُقاس فيه القيمة بما في الجيب لا بما في الفكر، نسي كثيرون أن الثروة الحقيقية لا تُعدّ بالأموال، بل تُقاس بالأفكار.
فالفكر الخلّاق الهادف قادر على أن يصنع طريقًا حيث لا طريق، وأن يحوّل الحلم إلى واقع مهما كانت الظروف والصعوبات.
إنّ ما تملكه في عقلك من معرفة ووعي وإرادة وثقة بالذات، هو أعظم من أي رصيد في المصرف.
للأسف، في عالمنا الحاضر أصبح العلم والمعرفة تهمة، والجهل سلّمًا، والتفاهة طريقًا للشهرة.
صار العالِم يُخشى فكره، والمثقّف يُحاصَر رأيه، بينما الجاهل يُصفَّق له، والتافه يُتَّبع ويُكرَّم.
اختلّت الموازين، فصار الصمت حكمةً عند الحكماء، والصخب بطولةً عند السطحيين.
لكن وسط هذا الانحدار، يظلّ نور الفكر الواعي هو المنارة الوحيدة القادرة على إنقاذ الإنسان من الضياع.
فالعقل الحرّ لا يبيع قناعاته ليشتري شهرةً زائلة، ولا يرضى أن يسير في قافلة الصمت بينما يعلو صوت الباطل.
إنّ الأفكار والمواقف لا تموت، بل تنتقل من عقلٍ إلى آخر لتصنع حضاراتٍ وتبني أممًا.
العالم لم يتغيّر بالثروة ولا بالمناصب، بل بالعقول التي آمنت بأنّ التغيير يبدأ من الداخل.
ومن يؤمن بفكرته، يصنع فرصته، ويقود مصيره بدل أن يُقاد.
استثمر في عقلك، وطوّر وعيك، واقرأ، وابحث، وجادل بالمنطق لا بالصوت العالي.
فكل معرفة تكتسبها هي لبنة في صرح نفسك، وكل فكرة ناضجة تزرعها ستثمر مستقبلًا أفضل لك ولمن حولك.
لا تجعل هذا العالم المقلوب يُفقدك إيمانك بنفسك أو بفكرك.
ابدأ من حيث أنت، بما تملك، وافعل ما تستطيع.
احلم، وتعلّم، وفكّر بحرية، وكن أنت التغيير الذي تنتظره من الآخرين، وكن قدوةً لمن حولك.
فالفكر هو الشرارة الأولى لكل إنجاز، والعقل هو رأس المال الذي لا يُستهلك.
من يملك فكرة ناضجة، يملك مشروعًا، ومن يملك مشروعًا، يملك مستقبلًا.
ولذلك تبقى الأمم التي تُكرّم الفكر، هي الأمم التي تصنع التاريخ،
أما التي تهمّش العقل، فمحكومٌ عليها أن تعيش على هامش الحضارة.
نزيه عبدو حمد
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.