“القوّات” تشنّ حرباً على العهد: كونوا كأفيخاي!

5

بقلم ملاك عقيل

«أساس ميديا»

قانونيّاً، ودستوريّاً، لم يعُد للحكومة أيّ دور في شأن تحديد مسار قانون الانتخاب. لكنّ حزب القوّات اللبنانيّة، كالعادة، يواظب على سياستها بما يكفي لإبقاء التوتّر قائماً مع رئيسَي الجمهوريّة والحكومة، وداخل مجلس الوزراء. منبع التوتّر الأساسيّ بين معراب والرئيسين جوزف عون ونوّاف سلام ملفّ السلاح وأداء الحكومة، وليس فقط قانون الانتخاب. آخر الرسائل القوّاتيّة على لسان المُتحدّث الرسميّ باسمها، شارل جبّور، لم تكن عاديّة: لتكن لديكما “هيبة” أفيخاي أدرعي في التعاطي مع “الحزب”!

في الأيّام الماضية حدث التباس قانونيّ بين السراي وبعبدا يتعلّق بمن يجب أن يوقّع مرسوم مشروع قانون الحكومة الذي يتضمّن التعديلات على قانون الانتخاب. عملاً بمبدأ “موازاة الصيغ” تبيّن أنّه، إضافة إلى رئيسَي الجمهوريّة والحكومة، يجب توقيع وزراء الداخليّة والخارجيّة والمال والعدل على المرسوم. انتظر الجميع عودة الوزير عادل نصّار من زيارة خارجيّة، فوقّع صباح أمس المرسوم وأحاله إلى رئاسة الجمهوريّة التي ستحيله بدورها إلى مجلس النوّاب.

عند هذا الحدّ لا تزال علامات الاستفهام تُرتسم حول الخطوات التي سيتّخذها الرئيس نبيه برّي، مع العلم أنّ الخطوة الأولى ستكون من خلال إحالة مشروع قانون الحكومة، في شأن تصويت غير المقيمين للنوّاب الـ128، إلى اللجنة النيابيّة الفرعيّة المُجمّدة اجتماعاتها حاليّاً.

ترافق ذلك مع تسريبات عن رسالة وجّهها عضوا الكونغرس الأميركيّ داريل عيسى ودارين لحود إلى الرئيس دونالد ترامب بضرورة “السماح للجالية اللبنانيّة بالتصويت لجميع مقاعد البرلمان في انتخابات أيّار”، وبأنّ “أيّ عرقلة للعمليّة الديمقراطيّة من قبل رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي أو غيره، تُعتبر انحيازاً لـ”الحزب” وحلفائه”.

أعاد رئيس حزب القوّات اللبنانيّة سمير جعجع أمس الطلب من برّي الدعوة إلى جلسة عامّة قبل 20 تشرين الثاني لإقرار التعديلات على القانون، و”أيّ محاولة لربح الوقت عبر تحويل مشروع القانون عن مساره، سيُشكّل فعلاً متعمّداً لعرقلة إجراء الانتخابات في موعدها. وأتمنّى أن لا يكون ما أسمعه صحيحاً”.

سقط اقتراح رجّي

بالتزامن حاول “القوّات” إقحام الحكومة في ما ليس من شأنها، من خلال طلب وزير الخارجية يوسف رجّي طرح بند تمديد مهلة تسجيل المغتربين، التي تنتهي يوم الخميس المقبل، من خارج جدول الأعمال.

على الرغم من عِلم الوزير رجّي أنّ الاقتراح لن يمرّ، لأسباب قانونيّة وسياسيّة، وبعدما أجرى جولة استشاريّة بشأنه، أصرّ عليه فتصدّى له رئيس الحكومة ووزراء الثنائيّ الشيعيّ ووزير الداخليّة أحمد الحجّار. وكمن يوجّه رسالة لـ”القوّات” كان الأخير صارماً في تأكيد “عدم صوابيّة التصرّف وكأنّ الحكومة لا تزال معنيّة بقانون الانتخاب، أو كأنّها طرفٌ في الأزمة. الحكومة قامت بما عليها، وأرسلت مشروع قانون، ووزارة الداخليّة جاهزة لإجراء الانتخابات النيابيّة في موعدها، فلماذا جرّ مجلس الوزراء مجدّداً إلى ملعب التعديلات التي هي من صلاحيّة مجلس النوّاب؟”، هذا مع العلم أنّ هذا الموقف يعكس تماماً رأي رئيس الجمهوريّة.

55,548 طلبَ تسجيلٍ في الخارج

أصدرت وزارة الخارجيّة أمس بياناً عن ارتفاع عدد المُسجَّلين في الاغتراب إلى 55,548، مع جدول مفصّل عن توزيعهم على السفارات والقنصليّات في دول العالم.

أطلقت الخارجيّة أيضاً فيديو للحثّ على التسجيل قبل 20 تشرين الثاني، مع تأكيد أنّ “المسجّلين في الخارج لن يفقدوا حقّهم في الاقتراع في لبنان إذا تمّ إلغاء الاقتراع في دول الإقامة بالخارج”. طبعاً لا يزال هذا الرقم متدنّياً مقارنة بعام 2022، الذي أقفل على نسبة تسجيل في الخارج بلغت أكثر من 225 ألف ناخب.

جعجع: تصريحات رئاسيّة فارغة

خارج النطاق الحكوميّ والانتخابيّ كانت الأزمة تكبر أكثر بين “القوّات” والرئيسين عون وسلام، فباتت توجّه سهامها مباشرة باتّجاههما، بموازاة “الحرب” على رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، ربطاً بملفَّي السلاح وقانون الانتخاب.

في مقابلته الأخيرة لصحيفة The National، عايَر جعجع “رئيس الجمهوريّة بوجوده في بلغاريا، فيما الرئيس أحمد الشرع  في البيت الأبيض”، مشيراً إلى أنّ “لبنان مهدّد بأن يتخلّف عن التطوّرات المتسارعة في المنطقة، والسلطات هنا تضيّع الوقت بالمناكفات والمخطّطات الصغيرة”.

أكّد جعجع أنّ “معظم أعضاء الحكومة غير جدّيّين في مسألة سلاح “الحزب”، مستثنياً وزراء “القوّات” الأربعة، وعدداً محدوداً من الوزراء، مضيفاً أنّه “على الرغم من أنّ الحكومة اتّخذت قرارات مهمّة في 5 و7 آب، لكنّها لم تطبّق أيّاً منها ولم تنفّذها”، وقال: “لا يوجد تصميم، ولا وضوح، ولو أنّه تصدر من وقت لآخر بعض التصريحات، والجميع يعلم أنّها تصريحات فارغة وحسب”.

وَصَل الهجوم “القوّاتيّ” إلى حدّ انتقاد طلب رئيس الجمهوريّة من قيادة الجيش التصدّي للخروقات الإسرائيليّة في المناطق المحرّرة، إذ يرى جعجع وفريقه السياسيّ أنّ “المشكلة ليست مع الدولة والجيش اللبناني، بل بين إسرائيل و”الحزب” حيث يحقّ لإسرائيل الردّ على الاعتداءات لأنّ الدولة لا تفرض هيبتها”، حاملاً على الحكومة “التي لا تزال تضمّ بين أعضائها وزراء لـ”الحزب”، فيما الشيخ نعيم قاسم يتمرّد على قرارات الدولة”.

بات عدم موافقة مجلس الوزراء على تمديد مهلة تسجيل المغتربين تفصيلاً أمام حجم الهوّة التي تتّسع بين معراب وبعبدا، وصولاً إلى السراي. يكفي كشف رئيس الجمهوريّة عن “من يبخّ السموم في الخارج ويُشوّه صورة الداخل، وصولاً إلى اتّهام الجيش بالتقصير. وقد فاتحني الأميركيّون بهذه المشكلة”.

وفق المعلومات، من ضمن هؤلاء شخصيّات قوّاتيّة و”تغييريّة” تحرّض علناً في واشنطن ضدّ “مسايرة” الرئيس عون لـ”الحزب”، وتغطيته التمرّد على القوانين كما حصل أمام صخرة الروشة بالإيعاز إلى الجيش بعدم التدخّل، وعدم قيام الحكومة بالجهد اللازم لنزع السلاح، وعدم امتثال الجيش اللبنانيّ لكلّ ما تطلبه منه لجنة “الميكانيزم”، وتقصيره في تطبيق خطّته العسكريّة.

ملاك عقيل

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.