الكتب المدرسية بين الشكل الجديد والمضمون القديم
بقلم نادين شلهوب
مع بداية كل عام دراسي، تتجدد معاناة الأهالي مع كلفة الكتب المدرسية المرتفعة، في ظل أوضاع اقتصادية خانقة وأقساط مدرسية تُثقل كاهل العائلات اللبنانية. غير أنّ اللافت في هذه المعاناة، أنّ العديد من الكتب تُعاد طباعتها كل سنة بطبعة جديدة تحمل غلافًا مختلفًا، فيما يبقى المضمون على حاله من دون أي تعديل يُذكر، لا في النصوص ولا في الأحداث، بخاصةٍ في مواد التأريخ والجغرافيا.
ففي حين يفترض أن تحمل “الطبعة الجديدة” قيمة مضافة أو تحديثًا في المحتوى، يتبيّن عند المقارنة أنّ الاختلاف غالبًا شكليّ لا أكثر. فالتاريخ لا يتغيّر، والجغرافيا ثابتة في خرائطها وحدودها، والنصوص التعليمية تُعاد كما هي،
بل حتى الأخطاء القديمة – إن وُجدت – ما زالت تُدرّس بثقة لا تهتز. وكأنّنا نعيش في دوّامة زمنية، لا تتبدّل فيها سوى الأسعار وأرقام الطبعة الجديدة على الغلاف!
وتتجلى هذه الإشكالية بوضوح في صفوف الشهادات الرسمية، ولا سيما في صف “الترمينال”، حيث يعتمد الطلاب على مقرراتٍ شبه ثابتة منذ سنوات طويلة، ما يجعل الأسئلة في الامتحانات الرسمية متشابهة في مضمونها ونمطها، إلى حدّ أنّ التكرار بات ظاهرة مألوفة يعرفها الطلاب والمعلمون على حد سواء.
هذا الواقع يطرح علامات استفهام حول جدوى إعادة الطباعة السنوية، وحول السياسة التربوية المتبعة في تحديث المناهج ومراقبة النشر المدرسي. فبدل أن تُصرف الأموال في طباعة كتب متطابقة المضمون، كان الأجدى الاستثمار في تطوير المناهج فعليًا بما يتناسب مع تطورات العصر، وإعادة النظر في طرق التعليم والتقويم.
في المقابل، يجد الأهالي أنفسهم أمام معادلة قاسية: أقساط مدرسية مرتفعة، وكتب تُباع بأسعار تفوق قدرتهم الشرائية، من دون أن يقابل ذلك أي تغيير جوهري في العملية التعليمية. ومع غياب الرقابة الفعلية على أسعار الكتب ومحتواها، يتحول التعليم إلى عبء اقتصادي إضافي على المواطنين.
ويبقى السؤال المشروع: هل تتحمّل وزارة التربية مسؤوليتها في ضبط هذا الواقع، ووضع آلية واضحة لمراقبة الطبعات الجديدة للكتب المدرسية؟ أم أنّ الأمور ستبقى على حالها، تتبدّل الألوان والعناوين، ويبقى المضمون في مكانه؟ّ
وتبقى “الطبعة الجديدة” مجرّد غلاف آخر يلمّع واقعًا باليًا.
نادين شلهوب
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.