الكويت على خطّ النّار: قواعد أميركيّة و”بوشهر”

5

نايف سالم – الكويت

«أساس ميديا»

بشكل موازٍ لتبنّي الموقف السياسي المُطابق للموقف الخليجي- العربي الذي يدين بلا لبس الهجمات الإسرائيلية على إيران، تعيش الكويت حالة استنفار عامّ على كلّ المستويات تحسّباً للأسوأ، استناداً إلى مُحدِّدَيْن أساسيَّيْن: الأوّل وجود قوّات أميركية على أراضيها، والثاني القرب الجغرافي من محطّة بوشهر النووية.

تنفرد الكويت بين كلّ دول الخليج بأنّها الأقرب إلى هذه المحطّة الواقعة جنوب غرب إيران على ساحل الخليج العربي، إذ تبعد عنها حوالي 250 كيلومتراً فقط، فيما تشترك مع دول خليجية أخرى بوجود قوّات أميركية على أراضيها.

منذ الساعات الأولى للضربات الإسرائيلية لإيران، انعقد صباح الجمعة مجلس الدفاع الأعلى في الكويت برئاسة رئيس الوزراء الشيخ أحمد عبدالله الصباح، ثمّ انعقد ثانية مساء السبت مرّة ثانية، لمتابعة “الاستعدادات التي قامت بها الأجهزة المعنيّة المختلفة في مجال التدابير الاحترازية لمواجهة كلّ الاحتمالات على الصعيد الأمنيّ”.

ترافق ذلك مع اجتماعات متلاحقة لمختلف الوزارات وجهات الدولة لمراجعة خطط الطوارئ والتدابير الاحترازية، ووصل الأمر إلى حدّ التأكّد من جهوزيّة مراكز الإيواء في المنشآت التربوية.

استنفار شامل

في بلد يستورد السواد الأعظم من احتياجاته، جرى في اجتماع للجنة الطوارئ، برئاسة وزير التجارة والصناعة خليفة العجيل، تأكيد “الجاهزيّة الكاملة للتعامل مع المتغيّرات وتعزيز أمن السوق المحلّيّ”، من خلال “تعزيز التنسيق بين الجهات المعنيّة ورفع كفاية الاستجابة لمختلف المتغيّرات بما يضمن توافر السلع الأساسية وانسيابيّة تدفّقها إلى الأسواق من دون انقطاع”.

وطمأنت اللجنة إلى أنّ “المخزون الاستراتيجي مستقرّ وآمن ويكفي لتغطية احتياجات السوق المحلّي لفترات طويلة”.

وعقد وزير الصحّة الدكتور أحمد العوضي اجتماعاً طارئاً لقادة المنظومة الصحّية لـ”استعراض خطط الطوارئ والتدابير الاحترازية”، وجرى التأكّد من “توافر المخزون الاستراتيجي من الأدوية والمستهلكات الطبّية، والمخزون الحيويّ لدى بنك الدم، الذي يواصل استقبال المتبرّعين دعماً للجاهزيّة الوطنيّة”.

وفي حين أكّدت وزارة الكهرباء والماء أنّ لديها خطط طوارئ متكاملة لضمان استمرار إنتاج الكهرباء والمياه خلال أيّ أوضاع استثنائية، أعلنت وزارة التربية تجهيز 90 مركزاً للإيواء تخضع لمتابعة دوريّة من فرق الدفاع المدني. وكذلك فعلت الهيئة العامّة للتعليم التطبيقي والتدريب بإعلانها جهوزيّة ملاجئها الموزّعة في كلّياتها ومعاهدها، واستعدادها الكامل لاستقبال الطلبة والطالبات والهيئات التدريسية والتدريبية والإدارية في حالات الطوارئ.

إلى ذلك عقدت مؤسّسة الموانئ الكويتية اجتماعاً طارئاً لبحث الاستعدادات، وأكّدت استمرار دورها في الإشراف على الموانئ التجارية الثلاثة الشويخ والشعيبة والدوحة، المعنيّة باستقبال السفن التجارية.

دعت وزارة الخارجية المواطنين الموجودين في المناطق المتوتّرة إلى أخذ أقصى درجات الحيطة والحذر، فيما سارعت وزارة الإعلام إلى التحرّك لضبط الخطاب الإعلامي، مع “تكثيف الجهود والعمل وفق نهج مؤسّسي ومنسّق يعكس المهنيّة وروح المسؤوليّة ويخدم المصلحة العامّة”.

الخطر النّوويّ

في خضمّ الاستنفار، يشكّل خطر محطّة بوشهر الإيرانية “الكابوس الأكبر” للكويت والخليج، بالنظر إلى كونها تحتوي على مفاعل نوويّ عامل، بخلاف المنشآت الأخرى مثل نطنز وفوردو، التي تتعامل بشكل أساسي مع تخصيب اليورانيوم.

يُجمع الخبراء على أنّ ضرب هذه المحطّة، التي تعمل بمفاعل ماء مضغوط وتنتج حوالي 1,000 ميغاواط من الطاقة الكهربائية، من شأنه أن يؤدّي إلى كارثة بالنظر إلى خطر إطلاق النظائر المشعّة.

تفيد التقارير بأنّ الانفجار الفوريّ الناتج عن ضرب المحطّة سيؤدّي إلى تدمير البنية التحتية التي تقع ضمن حوالي 5 كيلومترات حولها، مع مستويات إشعاعيّة عالية جدّاً قد تصل إلى نطاق 30 كيلومتراً على الأقلّ، وتأثيرات حراريّة تؤدّي إلى حرائق كبيرة، مع احتمال انتشار الغبار النووي والغاز السامّ.

من شأن الإشعاعات أن تصيب أيّ شخص، غير محميّ منها، بتسمّم إشعاعي حادّ تبدأ أعراضه بالغثيان والقيء، ثمّ تتطوّر سريعاً. ويتمثّل الخوف أيضاً في أنّ تلوَّث مياه الخليج العربي بالموادّ النووية، فتتعطّل جميع محطّات تحلية مياه البحر التي توفّر مياه الشرب للكويت ودول الخليج العربية، علاوة على نفوق الأسماك والكائنات البحريّة الأخرى.القوّات الأميركيّة

المُحدِّد الآخر في بواعث القلق الكويتي يتمثّل بالقوّات الأميركية المتمركزة في قواعد عسكرية، والتي قد تصبح عرضة للهجمات الإيرانية في حال تصاعد الحرب وتوسّع رقعتها.

صحيح أنّ الكويت سارعت لإدانة الهجوم الإسرائيلي وأجرت سلسلة اتّصالات مع دول الخليج وإيران لتثبيت موقفها، لكنّ مشاركة القوّات الأميركية في المنطقة في التصدّي للصواريخ والمسيّرات الإيرانية التي تستهدف إسرائيل، تجعلها عرضة للاستهداف، خاصّة إذا قرّرت الولايات المتّحدة توفير دعم مباشر لإسرائيل.

تشمل القواعد الأميركية في الكويت قاعدتَي علي السالم وأحمد الجابر الجوّيّتين، إضافة إلى معسكر عريفجان ومعسكر بيوري ومعسكر باتريوت، وهو جزء من قاعدة الكويت البحرية، ومعسكر سبير هيد في ميناء الشعيبة.

تستضيف قاعدة أحمد الجابر الجوّية جناح الاستطلاع الجوّي 332 التابع للقوّات الجوّية الأميركية، فيما توفّر قاعدة علي السالم الجوّية مجموعة متنوّعة من القدرات، من الجسر الجوّي في مسرح العمليات، أي النقل الجوّي للوحدات العسكرية والأفراد والعتاد، إلى الدفاع ضدّ الصواريخ البالستية. وتضمّ القاعدة جناح الاستطلاع الجوّي 386، وتُعدّ المركز الرئيسي للجسر الجوّي التكتيكي في المنطقة وبوّابة لإيصال القوّة القتالية والإمدادات والتخطيط اللوجستي والذخيرة والوقود والنقل إلى القوّات المشتركة وقوّات التحالف.

يعدّ معسكر عريفجان موقعاً حيويّاً للعمليّات العسكرية الأميركية في مسرح جنوب غرب آسيا، أي في العراق والكويت والبحرين وقطر والإمارات وعُمان وخليج عدن وخليج عُمان والخليج العربي وبحر العرب والبحر الأحمر.

ويعدّ معسكر بيوري مركزاً للجيش الأميركي في الصحراء، ويقع على بعد 40 كيلومتراً من الحدود العراقية، وتبلغ قدرة استيعابه حوالي 14,000 جنديّ.

نايف سالم – الكويت

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.