المفتي عبد اللطيف دريان في الشام

27

كتب عوني الكعكي:

مهما تغيّرت الظروف، ومهما عصفت الأحداث، تبقى سوريا قلب العروبة النابض.

قيل قديماً: «لا حرب بدون مصر ولا سلام بدون سوريا».. مما يدلّ على أهمية سوريا في المعادلة.

لا شك أن قرار الزيارة الى دمشق الذي اتخذه صاحب السماحة، هو قرار صائب بكل ما في الكلمة من معنى. إذ إن سوريا بالنسبة للبنان دولة شقيقة وجارة. والأهم ان كل بيت في سوريا عنده بيت بالمقابل في لبنان.. إذ يكفي أن يتنقل يومياً بين لبنان وسوريا أكثر من مائة ألف مواطن ذهاباً وإياباً… عن طريق البرّ… وهذه الظاهرة غير موجودة بين أي دولتين.. إذ إن أكبر عدد منتقلين بين دولتين لا يصل الى أكثر من عشر طائرات أي 2000 الى 3000 مواطن كحدّ أقصى. من هنا فإنّ العلاقات اللبنانية – السورية فائقة الأهمية، وفي الوقت نفسه، فإنّ هذه العلاقات في غاية الحساسيّة تصب في مصلحة البلدين.

العلاقات ليست بين بيروت ودمشق فحسب بل هي بين طرابلس وحمص، وطرابلس والساحل السوري أيضاً. اليوم، أنعم الله على سوريا بحاكم محترم يثبت يومياً أنه صاحب رؤية صائبة، وأنه يريد أن يعيد لسوريا أمجادها.

ويكفي اللقاء الذي تمّ بين الرئيس السوري أحمد الشرع والرئيس الأميركي المميّز دونالد ترامب في المملكة العربية السعودية، بوجود ولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان وبمباركته ومباركة تركية أيضاً.

إنّ سوريا لا يمكن أن تكون إلاّ عربية.. وللأسف، فإنّ الرئيس الهارب بشار الأسد دمّر سوريا، ودمّر السوريين، ويكفي أنه قتل مليون مواطن سوري، وهجّر 12 مليوناً آخرين، أي نصف الشعب السوري، بحجة الإرهاب، خلال حرب بدأت عام 2011، الى أن أرسل ربّ العالمين الرئيس أحمد الشرع لسوريا، والذي استطاع خلال أسبوع إسقاط أفشل وأجرم نظام مرّ على سوريا. نظام لا يهمّه إلاّ سرقة الشعب ومال الشعب وكل مقدّرات الوطن.. رئيس لا علاقة له بالمنصب إلاّ أنه وريث غير شرعي، ورئيس لا يتمتّع بالحدّ الأدنى من الصفات الرئاسية وقيمها.

كان بشار يظن أنه يستطيع أن يحوّل سوريا من بلدٍ إسلامي سنّي الى بلد شيعي.. والمصيبة هنا أن موضوع التشييع يجب أن يكون تابعاً لنظام ولاية الفقيه.

يا جماعة: الشعب السوري شعب عروبي، يعتز بعروبته، ويرفض أن يكون تابعاً لدولة الفرس.. لذلك فإنّ خمسة وعشرين عاماً من حكم الرئيس الهارب لم تستطع أن تغيّر سوريا. لقد حاول بشار بكل أنواع الترهيب والقتل والإجرام تغييرها ففشل، ولم يترك وسيلة لقتل شعب إلاّ ومارسها، وبالرغم من كل ذلك سقط خلال أسبوع واحد فقط لا غير.

على كلّ، فإنّ كل المحاولات التي بُذلت للتشييع في سوريا لم تغيّر شيئاً… الإيمان بالإسلام وبالعروبة كان أقوى من كل أموال ولاية الفقيه وصواريخها وحتى نظامها النووي الذي حاولت دولة ولاية الفقيه أن تحصل عليه.

يكفي أن الرئيس الفاشل والهارب بشار الأسد قَبِل أن يسمح لإيران ببناء مفاعل نووي في سوريا. كان والده رفض بناءه عام 1998، وحين جاء نظام الملالي ودفع لبشار 6 مليارات من أجل بناء مفاعل نووي في سوريا استطاعت إسرائيل العدوّة أن تدمّره عام 2006.

هذا الرئيس الهارب، لم يتعلم من والده الحدّ الأدنى من الحكمة، ولم يحاول أن ينقذ سوريا من نظام الملالي.

وتكفي الصورة التي يفخر بها بشار وهو ممسك يد الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وفي اليد الثانية يد شهيد فلسطين القائد حسن نصرالله.

أخيراً أقول للجميع إنّ لبنان لا يرتاح إلاّ بإقامة أفضل العلاقات الأخوية والودية مع سوريا مع الأخذ بالاعتبار علاقات التزاوج والقرابة.

باختصار، لبنان بحاجة الى سوريا، وسوريا بحاجة الى لبنان، لأنّ لبنان هي الرئة التي يتنفس منها الشعب السوري، وسوريا هي الرئة التي يتنفس لبنان منها.

aounikaaki@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.