انتخابات الشمال: صراع أحجام

20

بقلم ملاك عقيل

«أساس ميديا»

استكملت الانتخابات البلدية في مرحلتها الثانية في الشمال مساراً من الكباش السياسي بين الأحزاب المسيحية، بدأ من جبل لبنان، وكانت حصيلته تأكيد طرفَي النزاع الأساسَّيين، القوّات والتيار الوطني الحرّ، خروجهما من المعركة “مُنتصرين”. لن يُتوقّع أن تكون الحصيلة في الشمال، وتحديداً في أقضية البترون، زغرتا، الكورة، بشرّي وبعض بلديّات عكار، مغايرة لنتائج المواجهات في أقضية جبل لبنان، حيث العامل العائلي “مطّاط” لدرجة يتيح للأحزاب المتخاصمة أن تدّعي فوزاً لم يحصل.

تستقطب مدينة البترون، مسقط رأس النائب جبران باسيل، في القضاء الذي يضمّ 31 بلديّة، الأضواء. في المنطق كان يُفترض أن تحصل مواجهة “تكسير رؤوس” بين القوّات والتيار الوطني الحرّ على مجلسها البلديّ المؤلّف من 15 مقعداً، والذي يرأسه مرسلينو الحرك منذ 27 عاماً. لكنّ “الائتلاف” كان من نصيب المدينة السياحية بامتياز، التي تكاد توسم باسم جبران باسيل بسبب التغيير الهائل الذي أدخله إلى شوارعها وأبنيتها. هنا اجتمع الأضداد على اللائحة نفسها المكتملة الأعضاء: “القوّات” و”التيّار” والكتائب وتيّار المردة في مواجهة لائحة غير مكتملة برئاسة ميشال الدغل هدفها “التغيير”. النتيجة معروفة سلفاً ربطاً بموازين القوى، والخرق بمقعد واحد يعدّ نصراً للّائحة المنافسة.

لكنّ الانتخابات في مدينة البترون “الباسيليّة” بدت شبيهة نوعاً ما بمعركة “القوات” في الحدت، حيث اختارت معراب الوقوف على الحياد في مواجهة رئيس البلدية جورج عون “القويّ”، المدعوم من التيّار،  مع علمها أنّ العديد من القوّاتيّين سيصوّتون لرئيس البلدية. الائتلاف والحياد، بهذا المعنى، وجهان لعملة واحدة.

إذا كانت مدينة شكّا، في قضاء البترون، شهدت مواجهة تقليدية بين “التيّار” و”المردة” وبين القوّات والكتائب في ظلّ انقسام عائلي بديهيّ،  وفي تنّورين، إحدى أكبر بلدات القضاء، وضعت معراب يدها بيد مجد بطرس حرب بمواجهة “التيّار”، وفي حامات تواجَه “التيّار” و”المردة” ضدّ “القوّات”،  وتوزّعت التحالفات بين بلدات القضاء بما يؤسّس لمعركة على اتّحاد بلديّات القضاء، من ضمن ذلك سقوط التفاهم بين “القوّات” ونبيل نجل النائب السابق فريد مكاري، فإنّ المعركة في الكورة، حيث شعرت “القوّات” بالخطر، استدعت تحالفاً فاقعاً بين “القوّات” والحزب السوري القومي والنائب السابق سليم سعادة، والهدف كالعادة المناورة للوصول إلى رئاسة اتّحاد البلديّات في القضاء المؤلّف من 36 بلديّة.

في زغرتا، كما بشرّي، لا يمكن حجب الطابع السياسي عن المعارك. كبرى المعارك كانت في مدينة زغرتا التي شهدت منافسة “شرسة” بين تيّار المردة والنائبين السابقين سليم كرم وإسطفان الدويهي، بدعم من التيّار الوطني، وبين النائب ميشال معوّض و”القوّات”. هنا ستكون للأرقام دلالاتها السياسية تمهيداً للانتخابات النيابية المقبلة.

بالمقابل، يُفترض التدقيق بنتائج أرقام صناديق الاقتراع في مدينة بشرّي، عرين “القوّات”، وكبرى بلديّات القضاء المؤلّف من 12 بلدية، التي شهدت منافسة فعليّة بين اللائحة المدعومة من ستريدا جعجع و”القوّات” ولائحة “المستقلّين” المدعومة من النائب وليام طوق وقوّاتيّين سابقين.

عام 2016، في آخر انتخابات بلديّة، وَعَدت ستريدا جعجع “الحكيم” بإرسال أهالي بشرّي “وردة” له من القضاء الذي شهد يومها مواجهة بين لائحة ستريدا ولائحة “بشرّي موطن قلبي” التي حقّقت أرقاماً معبّرة في الصناديق، اعتراضاً على الإقصاء والاحتكار، ومصادرة القرار. وقد تكرّر المشهد أمس من خلال محاولة اللائحة المدعومة من ابن عمّ النائبة جعجع تحقيق خرق في لائحة “الستّ”، مع العلم أنّ ستريدا دخلت شخصياً على خطّ استنفار عصبيّة أهالي بلدتَي بشرّي وبقرقاشا ممّن يسكنون خارج القضاء، كي يشاركوا في الاقتراع للائحة جو كيروز في بشرّي، ولائحة رشيد مارون في بقرقاشا “كي يستمرّ معنى الجمهورية القويّة”.

ملاك عقيل

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.