بارّاك وبن فرحان: رسالة إلى لبنان حصر السلاح فوراً
بقلم جوزفين ديب
«أساس ميديا»
يعود الموفد الأميركي إلى سوريا توم بارّاك في الأسبوع الأوّل من تمّوز كما يُفترض أن يُكمل طريقه إلى بيروت. وقبل عودته يجب أن يكون لبنان بدأ على الأقلّ بإقرار البند الأوّل المطلوب منه. وهو إقرار حصر السلاح في بند على طاولة مجلس الوزراء.
بارّاك، وفي معلومات لـ”أساس”، كان في المملكة العربية السعودية حيث التقى الأمير يزيد بن فرحان في اجتماع مطول، وكان الملف اللبناني على الطاولة. وفق مصادر دبلوماسية لـ”أساس”، تمّ الاتفاق على اشتراط حصر السلاح في لبنان وإلا فإنّ لا دعم أميركي ولا سعودي خليجي للبنان. وفي المعلومات أيضاَ أنّ رسالة وصلت إلى الرئاسات الثلاثة بالموقف المشترك، وأبلغا الرؤساء أنّ على لبنان الذهاب سريعاً إلى تنفيذ ما هو مطلوب دولياً.
بارّاك كان قد قال في مقابلة على قناة “العربية” إنّه يجب على “حزب الله” أن يختفي وإنّ لبنان وسوريا على طريق اتفاقيات أبراهام. وكان وليد جنبلاط يلاقيه من بيروت في التأكيد أنّ أميركا وإسرائيل ربحتا الحرب، وأنّ على “الحزب” أن يسلم السلاح كما سبق هو أن فعل كاشفا أنه سلم أسلحة متوسطة إلى الجيش منذ حوالي ثلاثة أسابيع ، فقطار التطبيع مقبل.
سلّة كاملة تنفَّذ خطوة بخطوة
في المعلومات أنّ لقاء بارّاك مع وليد جنبلاط كان أكثر من ممتاز. هكذا تصف مصادر الحزب “التقدّمي” اللقاء، مشيرة إلى أنّ جنبلاط يتماهى جدّاً مع الأفكار التي طرحها بارّاك، لا سيّما في السلاح والعلاقة مع سوريا والملفّات المشتركة. وكان سبق أن ناقش الأمر مع رئيس الحكومة نوّاف سلام.
هذا ما بدا واضحاً في كلام جنبلاط في مؤتمره الصحافي. فجنبلاط اختار هذا التوقيت، تحديداً بين زيارتَيْ بارّاك فاتحاً الطريق أمامه لحلّ النزاع مع سوريا حول الحدود، وحاسماً في موضوع “مزارع شبعا على أنّها لن تكون شمّاعة الأراضي المحتلّة”، كما يقول أحد المقرّبين، في سياق قراءته لكلام سيّد كليمنصو. وعليه، جاء تأكيد جنبلاط ليحسم سوريّة مزارع شبعا لنزع لغم من ألغام الحدود السورية اللبنانية.
في مزيد من التفاصيل أنّ المسار الذي يفضّله جنبلاط، وقد تحدّث عنه عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب فيصل الصايغ لـ”أساس”، وأفضل وسيلة للذهاب إلى الحلّ هو اعتماد تطبيق كلّ البنود المطلوبة من لبنان، لكن ليس على خلفيّة أولويّة تسبق أخرى، بل على خلفيّة أنّ كلّ البنود تُطبَّق تباعاً ومتزامنةً.
في معلومات “أساس” أنّ ما يُعمل عليه حاليّاً هو التحضير لعودة بارّاك، عبر صياغة ورقة عمل تضمّ عدّة بنود:
1- إحالة بند حصر السلاح إلى مجلس الوزراء لكن ليس وحيداً، بل مصحوب بسلّة خطوات متكاملة لكي يكون مُقنعاً “وطنيّاً”.
2- يتمّ الضغط أميركيّاً لتنفيذ إسرائيل انسحابها من نقطتين.
3- استكمال انتشار الجيش في الجنوب ومسحه كلّالأنفاق.
4- ثمّ إتمام الانسحاب الإسرائيليّ مع استكمال تثبيت الحدود الجنوبية.
5- بعد ذلك يبدأ لبنان الرسمي بتطبيق الآليّة المفترض الاتّفاق عليها لحصر السلاح شمال الليطاني.
مبدأ خطوة بخطوة هو المسار الذي تأمله الدولة اللبنانية للنجاة من “القطوع” المقبل. غير أنّ ذلك لا تزال تعترضه معوّقات عميقة، على اعتبار أنّ أيّ سياق نظريّ كهذا يحتاج إلى تعاون “الحزب”. وفي معلومات “أساس” أنّ “الحزب” حتّى الساعة لم يعطِ أيّ جواب دقيق على كيفية تعاطيه مع رسالة بارّاك، لا سيما أنّ اللقاء الأخير الذي جمع “كتلة الوفاء للمقاومة” مع رئيس الجمهورية لم يؤدّ إلى أيّ نتيجة ملموسة.بالإضافة إلى ذلك، تقول المصادر الدبلوماسية الغربية تقول لـ”أساس” إنّ اسرائيل لن تنسحب من النقاط الخمس طالما “حزب الله” لا يزال يمتنع عن إخلاء منطقة جنوب الليطاني من السلاح وليس فقط شماله. وبالتالي إنّ اسرائيل ستستكمل غاراتها من دون توقف، تماماً كما يحصل حالياً في كل المواقع الجبلية التي تختزن السلاح، ومع تصعيد ما إذا استمرّ نهج المماطلة من الدولة اللبنانية في تنفيذ حصر السلاح.
أسابيع مفصليّة وتصعيدٌ منتظَر
قبل انتهاء الحرب الإسرائيلية الإيرانية، أعلنت إسرائيل اغتيالها لرئيس فرع فلسطين في فيلق القدس الحاج رضوان، وهو المسؤول عن تمويل الحلفاء خارج إيران، ومن بينهم بطبيعة الحال “الحزب”. في سياق هذه الحرب، واجه “الحزب” مجموعة من المعوّقات لوصول الأموال فتأخّر في دفع مستحقّات الترميم أو المأوى البديل.
بعد الحرب أعلن وزير الحرب الإسرائيلي يسرائيل كاتسأنّ أنّ المصرف المركزي الإيراني سيوضع على لائحة الاستهدافات الإسرائيلية لما له من دور في تمويل الحركات الحليفة لإيران في المنطقة، مسمّياً منها “الحزب”.
أمّا في لبنان، فتنشط الاغتيالات الإسرائيلية لشخصيّات معنيّة بالتمويل أو بشركات صيرفة. وهذا المسار يؤكّد خطة تجفيف الأموال عن “الحزب” ويشير إلى اقتراب انفجار أزمة اجتماعية لن تنفجر بوجه “الحزب” فقط بل بوجه الحكومة أيضاً.
لن يكون كلّ هذا تفصيلاً في المشهد المقبل، لا سيما مع معلومات تتناقلها الأروقة الدبلوماسية ومفادها أنّ إسرائيل ستصعّد غاراتها جنوب وشمال الليطاني على حدّ سواء، ليس فقط على المواقع العسكرية بل من أجل الاغتيالات أيضاً. وقد ثبتت هذه المعلومات في الساعات الأخيرة مع تنفيذ إسرائيل لعدد من الاغتيالات.
أسبوع أو أسبوعان من الترقّب
بناء على هذه المعطيات، ينتظر لبنانَ أسبوعٌ أو أسبوعان من الترقّب، ستستفيد إسرائيل منهما في تصعيد هجماتها بانتظار أن يكون لبنان حاضراً لاستقبال بارّاك.
تقول مصادر سياسية متابعة للسياق اللبناني لـ”أساس”حتّى الساعة يبدو لبنان عاجزاً تماماً عن إتمام أيّ شيء، خصوصاً في ظلّ التباعد الكبير في المقاربات بين القوى الأساسيّة فيه.
سيعود بارّاك، كما قال، إلّا إذا تغيّر شيء في أجندة الإدارة الأميركية تجاه لبنان. سيعود وقد أصبح له “صديق” في لبنان هو نوّاف سلام بعدما وجد الرجلان نفسَيهما مقرّبين من صديقة مشتركة، وبعدما وصفت مصادر دبلوماسية لقاءه مع سلام بأنّه كان الأفضل على مستوى الشكل والمضمون معاً.
مصادر الرئيس نبيه برّي لا ترى في ورقة بارّاك مفاجأة ولا صدمة، بل تعتبر أنها الاستكمال الطبيعي لاتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وأيضاً تنفيذ قرار مجلس الأمن 1701.
وتضيف هذه المصادر أنّ “بإمكان الرؤساء الثلاثة الاتفاق على صيغة عملية وفعّالة لتلبية المطلب الدولي – السعودي بعنوان حصر السلاح بيد الدولة”.
بينما ترى مصادر رسمية أخرى أنّ غداً لناظره قريب، بين التوافق الأميركي- السعودي وبين بطىء لبنان عن لملمة ساحته الداخلية وحسم الملفات العالقة، لن يكون البلد بخير.
جوزفين ديب
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.