تصعيد مقبل على الدّولة و”الحزب” معاً..
بقلم جوزفين ديب
«أساس ميديا»
بينما غرق المشهد السياسي الداخليّ بالسجال في أحداث صخرة الروشة، تبدو المؤشّرات الدوليّة في شأن الملفّ اللبناني ساخنة جدّاً، وسرعان ما ستظهر في الأسابيع المقبلة. قبل إقرار الحكومة لقرارات الخامس والسابع من آب كانت مؤشّرات التصعيد الإسرائيليّ مرتفعة، ونجحت يومها الحكومة في كسب الوقت. اليوم وبعد البداية المفترضة لتنفيذ خطّة الجيش، تعود مؤشّرات التصعيد لترتفع بشكل كبير، وهذا ما وصل إلى بعض المسؤولين بشكل مباشر من دبلوماسيّين وعواصم معنيّة بالملفّ اللبنانيّ. فهل أصبح لبنان قاب قوسين من التصعيد الذي سيطال العاصمة؟
برزت عدّة مؤشّرات وجّهت من خلالها العواصم المعنيّة بالملفّ اللبناني رسائل واضحة:
– أوّلاً: برز كلام الموفد الأميركي توم بارّاك على أنّه “مطلوب” من الإدارة بحسب مصادر دبلوماسيّة أميركيّة. وبالتالي الكلام عن ضرورة قيام الحكومة بواجباتها هو موقف واشنطن من أداء السلطة في لبنان في ما يتّصل بملفّ سلاح “الحزب”.
تغييب لبنان.. والرّئيس
– ثانياً: زيارة رئيس الجمهورية لنيويورك وتواضع لقاءاته الرسميّة هناك، فيما حظي نظيره السوري أحمد الشرع باهتمام بالغ. فغاب عن جدول أعمال الرئيس اللبناني أيّ لقاء مع الرئيس ترامب أو نائبه، أو الرئيس الفرنسي ماكرون الذي طالما كان الداعم الأكبر للبنان. قالت مصادر دبلوماسية لـ”أساس” إنّ لقاء عون مع وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو لم يكن صداه ايجابيّاً لدى الإدارة الأميركية التي تطالب لبنان بتنفيذ حصر السلاح بشكل حاسم وسريع، بينما كان جواب الرئيس اللبناني أنّ ذلك لا يمكن أن يحصل سريعاً، وأنّه بحاجة إلى تجهيز الجيش اللبناني وانسحاب إسرائيل. وهذا الكلام لا يرضي واشنطن بطبيعة الحال. أمّا الاجتماع الذي عقده ترامب مع رؤساء دول المنطقة وممثّليها من أجل خطّة الحلّ في غزّة، فهذا أيضاً اجتماعٌ غُيِّب عنه لبنان في إشارة إلى أنّه لم يبدأ مسار التعافي الدوليّ بعد.
– ثالثاً: التراجع الدولي عن حتميّة عقد مؤتمر لدعم الجيش اللبناني. فبعدما كان لبنان على موعد حتميّ ومحسوم مع مؤتمر دعم الجيش في هذا الخريف في باريس، أعادت القوى الإقليميّة والدولية خلط الأوراق مع تسجيل ملاحظات، فتحوّل مكان المؤتمر من باريس إلى الرياض بترحيب فرنسيّ. ولم يحدَّد موعده بعد، في رسالة إلى أنّه أصبح مشروطاً بتطبيق الجيش لخطّته، وهو ما سيتمّ تقويمه بعد جلسة الخامس من تشرين الأوّل، أي بعد عرض الجيش لمدى التزامه الخطّة على طاولة مجلس الوزراء.أمّا واشنطن فهي بعد الكلام عن السعي إلى إدراج 190 مليون دولار لدعم الجيش في الكونغرس، أصبح الكلام اليوم عن دعم يحكمه التردّد والانتظار إلى أن “يستحقّ” لبنان ذلك. وبانتظار الخامس من تشرين سيكون هذا الدعم معلّقاً .
رئيس الحكومة يتقدّم دوليّاً
في الأيّام الأخيرة، برز كلام واضح في الأروقة الدبلوماسيّة عن دعم صريح وواضح لرئيس الحكومة نوّاف سلام على اعتباره المسؤول الأوّل في لبنان المتمسّك بمنطق الدولة والمؤسّسات. وأصبح هذا التقويم خلاصة جماعيّة بعد تقويم عدّة محطّات أبرزها:
– أوّلاً: معركة تعيين حاكم مصرف لبنان التي خاضها سلام وفق منطق المؤسّسات إلى آخر لحظة في مجلس الوزراء.
– ثانياً: تقدّم سلام في الدفع لإقرار قرارات الحكومة في الخامس والسابع من آب وطلبه أن يقدّم الجيش تقريراً شهريّاً عن عمله.
– ثالثاً: ما قاله عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله كان سبق أن وصل إلى الكواليس الدبلوماسيّة. وفي كلام فضل الله تقاطع مع المصادر الدبلوماسية التي تحدّثت عن تعهّد رئيس الجمهورية لـ”الحزب” بأن يراعيه في المرحلة المقبلة، وهذا ما لم يكن معلوماً لدى العواصم التي دعمت عون في الانتخابات الرئاسية. وعلى الرغم من شرح القصر أنّ عون يراعيه للمصلحة الوطنية ولحماية الشارع من فتنة داخلية، لم يقنع ذلك عواصم القرار التي انتقدت هذا الكلام في كواليسها حيناً وفي العلن حيناً آخر، وهو ما برز في كلام توم بارّاك ومورغن أورتاغس أكثر من مرّة.
هذه المعطيات التي يتمّ تسريبها من الأروقة الدبلوماسيّة هي مقدّمة لتصعيدٍ سيشهده لبنان في المرحلة المقبلة، في الأمن والسياسة والمال، لا سيما مع تقديم بعثة صندوق النقد ملاحظاتها على قانون إعادة الهيكلة ومناقشتها قانون الفجوة الماليّة، وهذه المرّة بحسب المعلومات سيكون التصعيد على مراحل وسيرتبط بشكل مباشر بأداء السلطة في لبنان. وبعد واقعة الروشة ومؤشّراتها على مستوى فشل الأجهزة والمؤسّسات في الالتزام بالشروط القانونيّة للتظاهرة، انخفضت التوقّعات أن ينجح لبنان في معالجة الأزمة الطارئة المرتبطة بالسلاح، وارتفعت أسهم الذهاب إلى التصعيد.
جوزفين ديب
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.