حديث الجمعة _ الله يحب عباده

2

المهندس بسام برغوت

حب الله لعباده من أهم المفاهيم التي تناولها القرآن الكريم، حيث إن الله تعالى يحب عباده الذين يحبونه ويطيعونه، ويتجلى حب الله لعباده في مواقف عديدة، مثل التوفيق للطاعات، والبركة، والنجاح في الدنيا والآخرة. كما يُعتبر حب الله للعبد دافعًا قويًا له للقيام بالطاعات وتجنب المعاصي. كما ويعتبر من أهم المواضيع التي تتعلق بالعلاقة بين العبد وربه، والتي تمثل جوهر فهم الإنسان لطبيعة العلاقة بالله تعالى. ففي الإسلام، تتعدد المعاني التي تتعلق بحب الله وبغضه، وهذه المفاهيم تنبثق من القرآن الكريم والسنة النبوية، حيث يظهر كيف يمكن للإنسان أن يكتسب محبة الله تعالى، وكيف يمكن أن ينال بغضه نتيجة لأفعاله التي لا ترضي الله.

كيف يحب الله عباده؟

حب الله لعباده ليس حبًا عاطفيًا كما هو في العلاقات البشرية، بل هو حب معنوي يرتبط بالإيمان بالله والتزام أوامر الله. فالله تعالى يحب عباده الذين يتقونه، ويثبتون على الحق، ويتبعون النبي صلى الله عليه وسلم. وفي القرآن الكريم العديد من الآيات التي تتحدث عن حب الله لعباده الصالحين. ومن بين هذه الآيات قوله تعالى: “إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرِينَ” (سورة البقرة)، وفي هذه الآية، نجد أن الله تعالى يذكر نوعين من الناس الذين يحبهم: التوابين، أي الذين يعودون إلى الله بعد المعصية، والمتطهرين، أي الذين ينظفون أنفسهم من النجاسات والأشياء التي تبعدهم عن الطهارة الروحية. كذلك، نجد في الحديث النبوي الشريف: “إِذَا أَحَبَّ اللّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبَّهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ يُنَادِي فِي السَّمَاءِ: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوَضَعُ لَهُ القَبُولُ فِي أَهْلِ الْأَرْضِ”.

صفات العبد التي يحبها الله

الله يحب عباده الذين يتمتعون بعدد من الصفات الحسنة التي تؤهلهم للعيش في رضاه. ومن هذه الصفات:

  1. الإيمان الصادق: بأن الله هو الواحد الأحد الذي لا شريك له، مع التصديق برسوله.
  2. العمل الصالح: كل عمل يُتَقَرَّب به إلى الله، سواء كان ذلك في العبادة أو في التعامل مع الآخرين.
  3. الصدق والإخلاص: في القول والعمل، حيث يكون العبد صادقًا في عمله لله دون رياء أو فساد.
  4. التوبة: العودة إلى الله بعد الوقوع في المعاصي، طلبًا للمغفرة.

كما أن الله يحب عباده فإن عكس الحب هو البغض ، فهل يبغض الله عباده؟

لا يُقصد بالبغض عند الله الحقد أو الكراهية كما هو الحال في العلاقات الإنسانية، بل هناك بعض الأفعال التي تُغضب الله ويبغضها، وقد ورد في القرآن الكريم والحديث النبوي العديد من الأمثلة التي تبين ما يُغضب الله ويجلب البغض من جهته، ومنها:

  1. الشرك به: هو أعظم ما يُغضب الله. قال تعالى : “إِنَّ اللّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ” (سورة النساء).
  2. الكفر بنعمه: وعدم الشكر عليها، كما قال تعالى: “وَلَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ” (سورة إبراهيم).
  3. الفسق والفجور: بالمجاهرة بالمعاصي والفواحش، وقد ورد في الحديث الشريف: “كلُّ أمَّتي معافًى إلا المجاهرين”.
  4. الرياء: إظهار العبادة أمام الناس دون إخلاص لله تعالى. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “من رياءٍ فقد أشرك”.
  5. الظلم: الله لا يحب الظالمين، حيث أن الظلم يؤدي إلى انتشار الفساد، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “اتَّقوا دعوةَ المظلومِ فإنَّها تُرفعُ فوقَ الرَّأسِ”.

الفرق بين حب الله وبغضه: بينما يظهر حب الله في تصرفات الإنسان التي ترضيه، نجد أن بغض الله يتجسد في المعاصي والأفعال التي لا تليق بعظمة الله. فالحب هو دافع للقيام بكل ما يرضي الله، سواء في العبادة أو في الأخلاق أو في التعامل مع الآخرين، بينما البغض هو نتيجة الابتعاد عن أوامر الله والوقوع في المحرمات. كما أن حب الله يُفضي إلى الخيرات في الدنيا والآخرة، ومن خلال حب الله، يُمنح العبد الطمأنينة والسكينة في قلبه، ويعطيه القدرة على مواجهة تحديات الحياة. بينما البغض من الله يجلب القلق والضياع، ويجعل الإنسان يشعر بالبعد عن الله، ويؤدي به إلى الهلاك في الدنيا والآخرة.

كيفية الحصول على حب الله؟

يستطيع الإنسان أن يكتسب حب الله من خلال عدة طرق، منها:

– الإيمان بالله واتباع رسوله صلى الله عليه وسلم.

– أداء العبادات والطاعات بكل صدق وإخلاص.

– التحلي بالأخلاق الحميدة: مثل الصدق، الأمانة، والحلم.

– التوبة النصوح: العودة إلى الله بعد الوقوع في المعاصي.

ختاماً، في النهاية، يظهر أن الحب والبغض عند الله مرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالأفعال التي يقوم بها الإنسان في حياته اليومية. حب الله للعبد هو نتيجة لإيمانه وطاعته، بينما بغض الله يرتبط بالأفعال التي تغضبه وتبتعد عن رضاءه. ويجب على المسلم أن يسعى دائمًا للحصول على حب الله تعالى من خلال الأعمال الصالحة، والتوبة الصادقة، والإيمان الخالص بالله ورسوله.

إنّ حبّ الله لعباده هو أعظم نعمة ينالها الإنسان في حياته، فهو حبٌّ لا يُقاس بحبّ البشر، ورحمةٌ لا تنتهي مهما كثرت الزلات، فاالله يحب عباده الصالحين الذين يسيرون على دربه، ويغفر للتائبين الذين يعودون إليه بقلوبٍ خاشعة. فلنحرص جميعًا على طاعته وابتغاء مرضاته، حتى نكون من الذين أحبّهم الله وقرّبهم إليه وجعل لهم سعادة الدنيا ونعيم الآخرة.

المهندس بسام برغوت

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.