حكاية صندوق ..سيجار !!

10

بقلم فؤاد الهاشم
مازلت محتفظا بعلية السيجار الكوبى هذه وهى من نوع سيغلو 6 المفضل لدى والفاخر والتى اهداها لى صاحب السمو الشيخ مشعل حين كان نائبا لرئيس الحرس الوطنى وقبله كان المرحوم الشيخ صباح الاحمد يرسل لى علبةواحدة شهريا والتى تحوى على 25 سيجارا مما يعنى انى احتاج الى علبة اخرى لأكمل بها الشهر وسعر الواحدة 500 دينار تكفينى حوالى 12 او 13 يوما فقط واشتريها من محل واحد فى العاصمة متخصص فى بيعه ظللت ادخنه طوال اكثر من 30 سنة بمعدل سيجار يشتعل من العاشرة صباحا وينتهى فى الرابعة عصرا لاشعل الثانى فى السادسة وينتهى عند وقت احتضان الوسادة الخالية للنوم حتى ” طاحت الفاس بالراس” واصبت بالمرض اللعين !!كانت الساعة السابعة صباحا فى ذلك اليوم الشديد البرودة من شهر يناير فى وسط مانهاتن بمدينة نيويورك حين خرجت من الفندق باتجاه المستشفى لاجراء جراحة ازالة الورم ابتدات فى الثامنة صباحا وخرجت من غرفة العمليات فى الثامنة مساء! الطبيب الجراح كلمنى بالهاتف النقال وانا فى الطريق اليه قائلا:” امامك ساعة واحدة فقط لتدخين آخر سيجار كوبى فى حياتك اذ لن تعود اليه بعد اليوم”! كادت ان تفر دمعة صغيرة حارة من عينى وانا اسمع مايقول وعند وصولى الى باب المستشفى نزلت من التاكسى لكنى لم ادخل لذلك الصرح الطبى العملاق ونفذت وصيته فأشعلته وجلست على الرصيف فى ذلك البرد القارص ادخنه وبدوت كانى احد المشردين الذين تمتلى بهم شوارع وازقة نيويورك لكنه مشرد يدخن سيجار كوبى سعر الواحد منه -ولانه ممنوع من دخول اميركا عقابا لكوبا- فى السوق السوداء حوالى 100 دولار ! عدت للكويت شافيا معافى برحمة من البارى عز وجل فوجدت هدية الشيخ مشعل تنتظرنى فشدنى الشوق الى الحبيب الاول سيغلو 6 لكن صوت الجراح الاميركى يصدح فى اذنى : ” ان عدت لتدخينه سيعاودك المرض”! استعذت بالله من الشيطان واغلقت العلبة ووضعتها فى احد الادراج ولسان حالى يقول” قدام عينية وبعيد علي/مقسوم لغيرى وهو لى! صمدت لمدة عام كامل لكن الشوق اليه ازداد فأخرجت من الصندوق سيجارا واحدا وقررت ان يكون هو الاخير وليس ذلك الذى اعتصرته على رصيف شارع نيويوركى فى يوم مثلج واعقبته جراحة ل12 ساعة متواصلة!! هذه قصة ذلك الصندوق الصغير والذى مازال على حاله منذ حوالى 15 عاما ! نجيب محفوظ كان يقول: ” حين تبدأ بالامتناع عن كل شىء تحبه بأوامر من الاطباء فإعلم انه لم يبق فى العمر بقدر مامضى وان ساعة الرحيل قد ابتدأت .. تدق”!
فؤاد الهاشم

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.