رئيس الحكومة يعالج مشكلة «الروشة » بعقل راجح

6

لم تترك “غزوة الروشة” برا وبحرا، ندوبا في قلوب البيارتة فحسب، بل اصابت أيضا في الصميم، اللبنانيين التواقين الى استعادة دولتهم، وتركت جروحا عميقة في هيبة هذه الدولة، مخلّفة اهتزازاتٍ في الجسم الحكومي. رئيس الحكومة نواف سلام الذي تجاوزت دويلةُ حزب الله، قرارَه وتعميمه في شأن الاماكن السياحية والاثرية، وكُسرت كلمتُه على صخرة الروشة، تفرّغ اليوم لمتابعة “الضربة” التي تلقاها منطقُ القانون والدولة ومعه رئاسة مجلس الوزراء، محاولا فرض المحاسبة على مَن استسهلوا تخطي القوانين سواء كانوا من منظمي التحرك او من الاجهزة الامنية. واذا حصلت هذه المحاسبة، ربما تشكّل رسالة الى الداخل والخارج تؤكد ان “الزمن الاول تحوّل” في لبنان، وان هناك قانونا ودستورا يَعلوان ولا يُعلى عليهما من قِبل اي فريق، مهما كبرت قوته وشعبيته وترسانته. وتبدو هذه الصرامة ضرورية، خاصة وأن الحزب لا يزال يتحدى القرارات الرسمية، ويرفع السقوف في قضايا اكبر وأخطر، وعلى رأسها تسليم السلاح، وقد توجّه اليوم لمن يعملون لحصره أن “لا بأوهامك ولا بأحلامك”.

اجتماعات للمتابعة

 سلام الذي ألغى كل مواعيده امس، وأجرى من دارته في قريطم، سلسلة اتصالات لمتابعة ما حصل، لقي موقفُه الصلب تأييدا واسعا شعبيا وسياسيا، وقد استقبل امس الداعمين في منزله، وذلك قبيل اجتماعين بعيدين من الاضواء، دعا اليهما في السراي، الاول عقد عند الثالثة من بعد الظهر وضمّه الى وزراء العدل والدفاع والداخلية، والثاني اجتماع وزاري طارئ موسّع عُقد عند الرابعة، خُصّصا لبحث تداعيات إضاءة صخرة الروشة.

سلام لن يتراجع

 وفي انتظار بيان تردّد انه سيصدر عن الاجتماع، أشارت معلومات صحافية إلى توجّهٍ لسحب رخصة الجمعية التابعة لحزب الله، لعدم التزامها بالشروط المطلوبة أمس. اما الرئيس سلام، فأكد لزواره انه ليس في وارد لا الاعتكاف ولا الاستقالة، وانه لن يتراجع عن قراره وهو يريد أن يعرف لماذا تم تجاوز قرار الحكومة في ما خصّ إضاءة الصخرة. اما وزير العدل عادل نصار فاشار الى ان النيابة العامة تحرّكت بناءً لمراجعته. وقال “القضاء لا يعمل في السياسة بل في القانون والقانون يطبّق على الجميع من دون استثناء”.

بين الدولة واللادولة

 من زوار سلام في قريطم، رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل الذي قال ان “المواجهة هي بين منطق الدولة ومنطق اللادولة ولا يراهن أحد على انقسام داخل السلطة السياسية والأمور قيد المعالجة”، اضاف: على الدولة أن تتخذ قرارات لاستعادة هيبتها ومعركتنا هي حصر السلاح وليس إضاءة الروشة والأهم هي القرارات التي اتخذتها الدولة بشأن حصر السلاح. وأكد ان “مسار بناء الدولة “ماشي” ويجب ألا نقع في فخّ “الإسفين الذي يدقه حزب الله” وعلينا أن نكون يداً واحدة في هذه المعركة.

لم يتعلم شيئا

 اما رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع فحيّا “رئيس الحكومة على مساعيه المستمرة لقيام الدولة المنشودة”، وتمنى عليه أن “يواصل جهوده، التي ستؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق الهدف، وقال في بيان: المطلوب من الوزراء الأمنيين المعنيين إجراء التحقيقات الداخلية اللازمة كلّ في وزارته، لتحديد المسؤوليات وسدّ الثغرات”. وانتقد حزب الله قائلا “أظهرت أحداث صخرة الروشة، أمس، أنّ “حزب الله” لم يتعلّم شيئًا من كل ما جرى، ولم يأخذ عبرًا ودروسًا من المآسي التي أوقع لبنان واللبنانيين فيها. إن الإصبع الذي ارتفع أمس على صخرة الروشة، ارتفع في وجه من؟ فالاعتداءات الإسرائيلية على لبنان لا تُعدّ ولا تُحصى، فهل ارتفع هذا الإصبع لمواجهتها؟ أم ارتفع في مواجهة أكثرية سكان بيروت واللبنانيين عمومًا؟ إن ما جرى على صخرة الروشة يشكّل نقطة سوداء إضافية في سجل “حزب الله”، إذ في الوقت الذي تعمل أكثرية اللبنانيين، ممثَّلةً بحكومة الرئيس نواف سلام التي نالت ثقة مجلس النواب مرتين خلال ستة أشهر، على إقناع اللبنانيين أولًا، والعرب ثانيًا، والعالم ثالثًا، بأن لبنان ليس أرضًا سائبة وأن هناك إمكانية فعلية لقيام دولة حقيقية فيه، يصرّ الحزب على إظهار العكس، لا عبر ردّ الاعتداءات الإسرائيلية، بل عبر إثبات جديد أمام العالم أجمع أنّه لا مكان لدولة فعلية في لبنان. اضاف جعجع “لكن هذا كله لن يمرّ، إذ إن دولة فعلية بدأت تتشكّل في لبنان خلال الأشهر الماضية، ولن يقف شيء في وجه اكتمال قيامها”. واعتبر ان “الأسوأ من ذلك أنّ الأجهزة الأمنية، أمس، تصرّفت وكأن لا علاقة لها بالقوانين ولا بتطبيقها، وكأنها مجرّد عابر سبيل لا ناقة لها ولا جمل بما يحدث”.

لاريجاني في بيروت

 وسط هذه الاجواء المحتدمة شعبيا وسياسيا، يُحيي حزب الله غدا ذكرى اغتيال امينه العام السيد حسن نصرالله. وفي اشارة الى سقفٍ مرتفع سيطبع كلمة امينه العام الشيخ نعيم قاسم في هذه المناسبة، استبعد جواد حسن نصر الله، لرويترز، نزعَ سلاح حزب الله قائلا “لا بأوهامك ولا بأحلامك… في أرض عم تحكم، في شعب، في تهديد، في واقع خلق في 1948 حدك”… في هذا الاطار، يزور أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني لبنان في الساعات المقبلة للمشاركة في الذكرى غدا. وقد طلب لاريجاني مواعيد من مسؤولين رسميين، وذلك على وقع مواقف ايرانية تؤكد ان طهران مستمرة في ارسال الصواريخ والاموال الى حزب الله.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.