سرّ النجاح الخليجي

8

بقلم نزيه عبدو حمد

رئيس مجموعة نزيه اللبنانية الخليجية

لماذا نجحت دول الخليج اقتصادياً… وفشلت دول أخرى رغم امتلاكها النفط والموارد؟

نجاح اقتصادات الخليج لم يأتِ بالصدفة، بل هو حصيلة منظومة متكاملة تقوم على:

رؤية استراتيجية بعيدة المدى وقيادات تمتلك وضوح الهدف وتدير الاقتصاد بعقلية علمية تستشرف المستقبل مع استقرار سياسي وأمني ومنح بيئة خصبة للنمو، مما حوّل المنطقة إلى وجهة آمنة وموثوقة لرؤوس الأموال العالمية. كذلك العمل على تشريعات مرنة، ومناطق حرة، مع تسهيلات غير معقدة، وشراكة بين الدولة ورجال الأعمال والتركيز على الشفافية والحوكمة لأن الاقتصاد لا يزدهر إلا إذا شعر المستثمر والمواطن أن القوانين تطبق بعدل، وأن الفساد لا مكان له.

اهمية الاستثمار في الإنسان أولاً

دول الخليج ادركت أن بناء الإنسان هو المشروع الحقيقي للتنمية. لذلك استثمروا في التعليم، الصحة، الثقافة، والسكن، وفتح المجال للشباب والمرأة. لكن الأهم من ذلك أنهم ربطوا التنمية بالهوية الوطنية، فعُلّم المواطن أن رفاهيته ونجاحه لا ينفصلان عن قوة وطنه، وأن الإنسان المتعلم، المبدع، المنتج، والمخلص لوطنه… هو الثروة التي لا تنضب.

لماذا فشلت دول أخرى رغم امتلاكها النفط والموارد؟

المفارقة أن دولاً عربية أخرى تمتلك ثروات طبيعية ضخمة وموارد بشرية هائلة، ومع ذلك تعثرت اقتصاداتها.

السبب يعود إلى:

  • غياب الاستقرار السياسي بسبب النزاعات الداخلية أو الصراعات الخارجية.
  • تفشي الفساد والمحسوبيات.
  • ضعف التخطيط والرؤية والاكتفاء بالشعارات.
  • البيروقراطية القاتلة التي تخنق أي محاولة للاستثمار أو المبادرة.
  • والأهم: إهمال بناء الإنسان الواعي المنتمي لوطنه، ما أدى إلى هجرة العقول، وفقدان روح المواطنة، وتحول الطاقات إلى عوائق بدل أن تكون أدوات نهضة.

ان التجربة الخليجية تثبت أن التنمية الاقتصادية ليست في الثروات الطبيعية وحدها، بل في:

  • بناء الإنسان علمياً وأخلاقياً،
  • غرس قيم الانتماء والولاء للوطن.
  • إشراك المواطن في التنمية ليكون شريكاً لا متفرجاً.

النفط قد ينفد، والمشاريع قد تتغير، لكن الإنسان المخلص لوطنه هو الاستثمار الأبقى والأكثر أماناً.

ولهذا فإن معادلة النهضة الحقيقية تقوم على:

رؤية واضحة + قيادة حكيمة + بناء الإنسان بثقافة الانتماء.

النجاح لا يُبنى بالعشوائية ولا بالشعارات… بل بالولاء، والانضباط، والإدارة الفعّالة.

المستقبل ليس هدية تُمنَح، بل مسؤولية تُبنى.

أعظم ولاء للوطن ليس بالشعارات ولا بالكلام العاطفي، بل بالعلم والعمل والإنجاز والانتماء.

  • الوطن يحتاج إلى العقول المبدعة أكثر من حاجته إلى موارد الطبيعة.
  • يحتاج إلى أيدينا المنتجة أكثر من حاجته إلى المساعدات الخارجية.
  • يحتاج إلى وفائنا وانتمائنا، لنكون شركاء في بنائه لا غرباء عنه.

ولائنا الحقيقي هو أن نترك بصمة في وطننا، وأن نجعل منه مكاناً يليق بأحلامنا…..

نزيه عبدو حمد

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.