سوريا قرّرت طريق السلام… فمتى لبنان؟
كتب عوني الكعكي:
توقفت باهتمام كبير عند كلام المبعوث الأميركي توم باراك، لأنّ هذا الكلام صادر من رجل مقرّب جداً من الإدارة الأميركية، ويبدو أنّ الكلام الذي قاله هو في الحقيقة رسالة إلى كبار المسؤولين اللبنانيين..
قبل أن أبدأ مناقشة رسالة السيّد توم باراك، أتساءل عن وجود هذه المسيّرات التي غطّت سماء لبنان… فأين قوة ردع حزب الله؟.. ثم لا بدّ أن نتطلع الى ما يجري في سوريا، وأين كانت سوريا؟ وأين أصبحت؟
بداية، سوريا أيام الرئيس الهارب بشار الأسد غير سوريا أيام الرئيس أحمد الشرع..
أيام الرئيس الهارب كانت منقسمة ومقسّمة، وتعيش حالاً من الخراب والقتل والتدمير.. حيث أوصلت نفسها الى إصدار «قانون قيصر» في مجلس الشيوخ الأميركي، وهو نظام عقوبات على النظام وعلى الشعب السوري، وكاد يخنق الشعب السوري. وللتاريخ نذكر أنّ «قانون قيصر» أُقرّ عام 2019 حيث كان الشعب السوري يواجه فظائع إجرام النظام التي لا تغتفر. ومع صدور «قانون قيصر» جُمّدت الأصول وقطع التمويل غير المشروع وعزل النظام الوحشي في سوريا.
لكن سوريا بعد 8 ك1 2024 مع تنصيب حكومة سورية جديدة، فقد شرّعت قيادتها المصالحة وأعادت العلاقات مع تركيا والسعودية والإمارات ومصر وأوروبا، وبدأت تطبيعاً هادئاً مع إسرائيل. وهنا أتساءل: طالما كنا نتحدّث دائماً عن وحدة المسار والمصير مع سوريا، فلماذا لا نجنح للسلام الآن ما دامت سوريا بدأت به؟
ففي زيارة دونالد ترامب الى المملكة العربية السعودية ودول الخليج في 13 أيار 2025، أعلن الرئيس الأميركي من الرياض عن نيّته رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، وهذا تحوّل تاريخي من حال الكراهية الى حال من التعاون، وأصبح هذا الوعد سياسة رسمية في 30 يونيو/ حزيران عندما أُلغي أمر تنفيذي وأصبح هذا الوعد سياسة رسمية. هذا الأمر التنفيذي ألغى معظم العقوبات بدءاً من 1 تموز، وهكذا تحوّلت الى شراكة بين سوريا والولايات المتحدة الأميركية، وأرسلت إشارة للمستثمرين والحلفاء بأنّ أميركا أصبحت تدعم إعادة الإعمار في سوريا.
إلغاء العقوبات لم يكن صدقة، إنّه استراتيجية، فهو يحرّر قدرة الحلفاء والمستثمرين لإعادة بناء شبكات الكهرباء وأنظمة المياه والمدارس والمستشفيات. ويطلق واحداً من أهم جهود إعادة الإعمار. ففي أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية حدثت عمليات إعمار واستثمارات كبرى.
وهنا لا بدّ أن نذكّر بمناشدة 26 شخصية من كبار الشخصيات الدينية المسيحية في سوريا لإلغاء العقوبات على سوريا، محذرين بأنّ هذه العقوبات ستكون من الأسباب الرئيسة لتقليص الوجود المسيحي في الوطن.
بينما تستعيد سوريا استقرارها عبر التطبيع مع تركيا وإسرائيل، يأتي دور لبنان الموجود على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة.. فما هو الوضع في لبنان؟
إنّ وقف إطلاق النار الذي رعته أميركا في 2024 سعى الى وقف التصعيد، لكنه فشل في النهاية.. والسبب أنه لم يكن هناك اتفاق مباشر بين إسرائيل وحزب الله، لأنّ لبنان يعتقد أنّ التعامل مع إسرائيل جريمة…
في الوقت نفسه، تستمر إيران في تمويل ميليشيا حزب الله رغم العقوبات، في الوقت الذي يوجّه مجلس الوزراء اللبناني رسائل متضاربة للقوات المسلحة التي تفتقر الى التمويل للقيام بواجباتها. فالنتيجة كانت: هدوءاً هشّاً من دون سلام، وجيشاً بلا سلطة، وحكومة بلا سيطرة.
إذا استمرّت بيروت في التردّد فقد تتصرّف إسرائيل من جانب واحد، والعواقب ستكون وخيمة. لذلك، فإنّ نزع سلاح حزب الله سيكون في مصلحة كل اللبنانيين، وسوف يجنّب لبنان المزيد من الخراب والتدمير والقتل.
على كل حال، هنا سؤال بسيط جداً: الكلام الذي يصدر عن قيادات الحزب، ويطبّل ويزمّر الى أنّ الحزب يعيد بناء قواته، وأنه أصبح أقوى من ذي قبل، فما مدى صحّة هذا الكلام؟
يا جماعة الخير… المقاومة بدأت عام 1983، وحقّقت إنجازاً تاريخياً بإجبار إسرائيل على الانسحاب عام 2000 بدون قيد ولا شرط… ولكن للأسف لم نستفد من هذا الربح، لأننا أكملنا بشعارات غير قابلة للتنفيذ بأننا سنحرّر القدس.
اليوم وبعد الخسائر الكبيرة للحزب، ولكل اللبنانيين على جميع الأراضي اللبنانية، لو سألنا الحزب: ماذا يريد وماذا سيفعل؟
فماذا سيكون الجواب.. الأهم هل يوجد مواطن لبناني واحد يقتنع أنّ الحزب يستطيع أن يفعل شيئاً؟ ولو كان صحيحاً، فلماذا لم يفعل الحزب شيئاً لتحرير أي بقعة من لبنان منذ عام 2000، أي منذ 25 سنة؟ بل العكس هو الصحيح.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.