سوريا من التبعية إلى القرار المستقل

7

بقلم اللواء الدكتور عبداللطيف بن محمد الحميدان

بعد سقوط نظام بشار الأسد في نهاية عام 2024 وصعود الرئيس أحمد الشرع إلى رئاسة الجمهورية مطلع عام 2025 دخلت سوريا مرحلة جديدة تتشكل ملامحها على وقع تحولات داخلية وخارجية عميقة فالدولة التي كانت غارقة في شبكة معقدة من التحالفات والوصايات بدأت تعيد تعريف نفسها كدولة سيادة لا ساحة نفوذ ومع هذا التحول برزت العلاقة مع إيران كاختبار حقيقي لسياسة دمشق الجديدة فبعد عقود من التحالف القائم على الضرورة والمصلحة الأمنية وجدت طهران نفسها أمام قيادة سورية جديده لا ترى في الماضي مرجعًا بل في المستقبل طريقًا يحدد شكل الشراكات ومداها ولهذا فان الرئيس أحمد الشرع جاء بخطاب الدولة الوطنية المستقلة ولم يتردد في إعلان أن زمن التبعية انتهى وأن سوريا الجديدة لن تكون رهينة لأي محور أو وصاية فالشعب الذي دفع أثمان الحرب لم يعد يقبل أن تكون بلاده ممرًا لمشاريع الآخرين ولا ساحة لتصفية حساباتهم وإيران التي أنفقت كثيرًا في زمن الأسد وحافظت على وجود عسكري واقتصادي كثيف باتت تدرك أن معادلة النفوذ القديمة انهارت وأن دمشق اليوم تتعامل بمنطق المصالح لا الولاءات لذلك بدأت محاولات إيرانية لإعادة التموضع عبر التحول من النفوذ العسكري إلى الحضور الاقتصادي المشروع لكن الواقع السوري تغير فالمزاج الشعبي يميل نحو التحرر من أي هيمنة خارجية والقيادة الجديدة تضع المصلحة الوطنية فوق أي التزام سابق لان الشرع بدوره يتبع براغماتية محسوبة فهو لا يقطع الجسور لكنه لا يسمح لأحد بعبورها دون إذن فكل علاقة خارجية تخضع لاختبار السيادة وكل تعاون مشروط بقدر ما يخدم الداخل السوري وهذه السياسة جعلت العلاقة بين دمشق وطهران تدخل طورًا جديدًا لا يشبه الماضي القائم على الشعارات الأيديولوجية بل ربما تكون مرحلة تقوم على الشراكة المنضبطة والمصالح المتبادلة ولهذا فان سوريا تطالب إيران بالتعامل مع سوريا كدولة لا كساحة وسوريا مطالبة بالحفاظ على استقلال قرارها دون أن تغلق أبوابها أمام من يريد الخير لها وهكذا ربما تتحول المعادلة من تحالف الظل إلى شراكة السيادة ومن نفوذ القوة إلى نفوذ المصالح ومن ماضٍ تحكمه الضرورات إلى حاضر تصوغه الإرادة الوطنية وتكتبه دمشق الجديدة بلغة السيادة لا التبعية.

اللواء الدكتور عبداللطيف

بن محمد الحميدان

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.