شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – الأزمات تتراكم وتتفاقم فهل لدى النظام حيلة؟

13

كُتب على اللبنانيين «ما يشوفو يوم حلو»، كما يقولون في لغة التخاطب اليومية في لهجتهم المحكية. فمنذ عقود يزداد الاقتناع بأن ثمة تركيباً مصطنَعاً، وبالتالي فالتركيبة لا تركب على قوس قزح. إنه بلد لا مكان فيه للراحة، بل ومن باب الاستدراك لم يعد فيه مكان للراحة منذ أن سلّموه الى الميليشيات التي عاثت فيه فساداً، واستباحت كلّ محظور، وحللت كلّ محرّم، أمّا الضمائر ففي إجازة والأشداق مشرّعة على التهام ما فوق التخمة.

واليوم تنفجر الاستحقاقات كلها في وجه عهد بنى عليه اللبنانيون الأوادم (وما أكثرهم في الأطياف كلها) الآمال العريضة، وهو ما لم يُرضِ الذين لا يرون الى وطنهم سوى أنه بقرة حلوب. وهؤلاء تناتشوا البقرة فشربوا دمها والتهموا لحمها وعجموا عظمها ولم يفتهم تقاسم جلدها، ولكنهم لم يشبعوا ولم يرتوا.

إنه زمن الانحطاط الأخلاقي بامتياز، زمن المتاجرة بالدين، وزمن المقامرة بالقِيم، وزمن ابتكار المشكلات: فكل صغيرة يحولونها الى كبيرة، وكل مسألة تتدرج الى قضية، وكل قضية تتناسل أزمات، وكل أزمة تفرّخ مآزق! يحدث هذا في وقت يعض الأوادم على جراحهم، وتتكسر النصال على النصال في أجسامهم.

ونعود الى التركيبة لنقول من موقع العارف وليس من موقع المتمنّي: إن هكذا تركيبةً لا يمكن أن تستمر. فالنظام (أيّاً كان نوعه) من شأنه وواجب وجوده أن يبتكر الحلول من ذاته وبذاته، وإلّا فمصيره الزوال… وغالباً ما يُزال بولادة مؤلمة. إن الذين يتجاهلون (أو يجهلون) ما يُدار في اللقاءات البعيدة عن الأضواء، وفي الدراسات التي تُرفع الى مرجعيات زمنية وغير زمنية، والمقترحات التي تُتداول في ما وراء الأستار (…) تشي بالكثير المثير. لقد حرصنا على أن نلفّ عجالة هذا اليوم ببعض من غموض تعمدناه… إلّا أننا نثق بأن القارئ اللبيب لا يفوته أن يقرأ الكلمات والسطور وما بين الكلمات والسطور… وستكون لنا عودة في مقالة لاحقة، ذات وقتٍ غير بعيد، الى إماطة اللثام عن بعض ما يُخطّط (من غير جهة وطيف وفريق). ولا نظن أن الأجهزة المعنية تفوتها متابعة التفاصيل والوقائع، بل لعلها تزود الرؤساء بمشاريع ونصوص، أصلاً بات أصحابها يجهرون ببعض مكنوناتها.

ونبادر الى القول إننا نجد ثمة أسباباً موجبة لجنوح الكثيرين نحو البحث في النظام والتركيبة والمستقبل. فلا يجوز ولا هو معقول ألّا يبحث العقلاء عن الأمان والسلام والطمأنينة لهم ولأبنائهم والأحفاد… وما من عاقل يقبل أن يكون تحت أفياء نظام عاجز عن أن يوفّر له الحدود الدنيا من متطلبات الحياة الكريمة كلها. وما من نظام لا يردع ظالماً ولا يحاسب فاسداً، ولا يسائل قاضياً مرتكباً، ويتجاهل الذين سرقوا جنى أعمار أبناء الشعب… والأنكى أنه يكافئ هؤلاء المرتكبين.

khalilelkhoury@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.