شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – الرئيس سليم الحص شخصية نادرة لا تتكرر

5

احتُفل، أمس، بإطلاق اسم سليم الحص على أحد شوارع منطقة عائشة بكار في القطاع الغربي من العاصمة، ومع التقدير للمنطقة التي ارتبط اسمها باسم هذه الشخصية الوطنية الاستثنائية، فإن هكذا قراراً يجدر به أن يكون على مستوى شارع أساس كبير، أو إحدى الجادات البارزة في لبنان.

لا أقول جديداً إذ أقول إن سليم الحص (واسمه فوق الألقاب والمراكز والمناصب كلها) هو الرجل السياسي الذي جمع القيم كلها، التي يُفترَض في المسؤول أن يتحلى بها، بعيداً عن الشعارات الفارغة. النزاهة كان سيدها، الشفافية كان أميرها، الصدق كان توأمه، الأمانة كان ربيبها، الوفاء كان عنوانه.

سليم الحص الذي خذلته بيروت ذات انتخابات هل كانت تدري أنه استدان الضمانة الانتخابية ليتقدم بترشحه وهو رئيس للوزراء؟

لن أمضي طويلاً في سرد مواصفات هذه الشخصية الفذة، الفريدة في نهجها، رجل العلم والأخلاق، الحريص على المال العام، المتعالي على الخصومات والحساسيات والأنانيات، الذي كان غنياً في ذاته، لا يعني له الغنى المادي شيئاً…  من حسن حظي والتقادير أنني عرفته عن قرب، وكسبت ثقته وصداقته الثمينتين، ورافقنا معاً الرئيس العماد إميل لحود الى بعض مؤتمرات القمة، وتميزت تلك المرحلة بأحداث وتطورات بالغة الأهمية على الصعيد الوطني(…) وقد وجدت فيه ليس فقط الرئيس إنما كذلك الأخ والصديق. ونظراً الى ما عُرف به من رصانة فقد يجهل الكثيرون أن الرئيس سليم الحص كان على ظرف لمّاع، فالجلسة معه ممتعة والنكتة يطلقها بسلاسة وخفة ظل بنت لحظتها وهي تتناسل عشرات الطرائف الواحدة تلو الأخرى.  لقد كرمني الرئيس الحص برسالة مطولة بخط يده شرفني بما قاله عني فيها. وأذكر ذات مرة اتصل بي بشأن أحد الموظفين ثم أتبع الاتصال ببطاقة حملت الآتي: «على أن يكون وفق رأيكم وضمن موجبات القانون والكفاءة». ثم اتصل ثانية ليقول: أؤكد على كل كلمة وردت في البطاقة. وبعد بضع سنوات اتصلت به من الدولة العربية الخليجية التي كنت أعمل على تأسيس صحيفة كبرى فيها عارضاً عليه أن يزودنا بمقال أسبوعي، فرحب وهو الذي كان لا يملك أي مدخول سوى ما تدره عليه كتبه ومقالاته. ومن أسف أن عوامل عدة اعترضت تنفيذ الاتفاق.  سليم الحص، وأنت في دنيا الحق، أيها النقي التقي المصفّى، لك مني ما تعرف من مودة وتقدير واحترام، أيها النموذج النادر في السياسة وأهلها.

khalilelkhoury@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.