شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – جان عبيد السياسي الذي لا يشبه إلّا ذاته
يؤلمني أن ظرفاً قاهراً طارئاً دهمني ليل الأربعاء-الخميس حال دوني والمشاركة، عصر أمس، في الاحتفال القيّم بإطلاق كتاب الزميل البارع الاستاذ نقولا ناصيف مصنّفَه الجديد «جان عبيد ستة عقود في الوطن» الذي أقيم في واجهة بيروت البحرية الجديدة بدعوة من دار النهار للنشر ومؤسسة جان عبيد. والمناسبة جليلة إن في موضوعها أو صاحبَي الدعوة أو المؤلف الذي عُرف برصانته ودقة معلوماته وسعة إطلاعه وشمولية ثقافته لا سيما في الشأن اللبناني عموماً.
ترقى علاقتي بالصديق الكبير الراحل المرحوم جان عبيد الى عقود بعيدة منذ أن كان المرحوم والدي يُدرّس في علما، وطبيعي أن بعضاً من العائلة العبيدية كان من تلامذته. ثم تعود بي الذاكرة الى مرحلة الدراسة في المعهد الكرملي الشهير في طرابلس إذ كنتُ في الصفوف الوسطى وكان هو والزميل العزيز الراحل المرحوم حسان فيكتور الخوري في الصفوف الثانوية، وقادا في حينه حركة طالبية اعتراضية وجدنا أنفسنا، نحن التلامذة، مشاركين فيها لا رغبةً بالإضراب وحسب الذي يعني عطلة محبّبةً، إنما كذلك اقتناعاً بحسان وجان.
لم يطل الأمر بجان أن انتقل الى بيروت ليلمع نجمه على حدٍّ سواء في الوسطَين المتلازمين: الصحافي والسياسي. ثم ليصبح، في سرعة البرق، وجهاً سياسياً بارزاً في مسيرة بناها لنفسه بنفسه. وإذا أُجيز لي أن أضيف فأقول: لقد انطلق جان عبيد من معطيات مهمة اكتنزت بها شخصيته، وهي قلّما توافرت في رجل واحد في آنٍ معاً وهي العقل الواعي المنفتح، والذكاء الحاد، والذاكرة المتجاوبة عندما يستحضرها، وحسن إدراك اللحظة وتوظيفها، الى الوداعة، والقدرة على نسج شبكة علاقات صداقة ذات سعة استثنائية. والأهم من هذا كله الفهم العميق للبنان الرسالة ودوره في الخارج لا سيما في الإقليم، وتحديداً ما يتعلق بعلاقات لبنان والعرب… الى حد أن وصفه الأمير سعود الفيصل بقوله فيه: «جان عبيد حكيم حكماء العرب».
لدي الكثير والأكثر لأقوله فيك وعنك أيها الذي لم تستطع مزاياه كلها أن تتغلب على فيروس كوفيد 19، فقط أكتفي بهذه الكلمات: إن الذين حالوا دون أن تكون رئيساً للجمهورية لم يخذلوك وحدك إنما خذلوا لبنان وظلموه…
khalilelkhoury@elshark.com
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.