شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – لبنان في حاجة ماسة الى قيادات وطنية
من المؤسف، بل من المؤلم جداً، أن نرى وطننا يُبعَد عن المعافاة كلما لاح في الأفق بريق أمل. فما أن نتنفس ونوطن أنفسنا بأننا صرنا على الطريق الصحيح حتى تتوالى الأزمات والعراقيل التي تفرّخ كالفطر البري بين ليلة وضحاها. وكأنه مكتوب على هذا الوطن الصغير المعذب أن يعيش العذاب دائماً وأبداً. فهل إن قدر وطننا ألّا يرتاح من المتاعب والحروب والاضطرابات والكوارث والوجع المزمن؟ هل كُتب له وعليه هذا العذاب المتمادي؟ هل هو مولود ليكون مقراً لعدم الاستقرار حيث تتناسل الإشكالات الى مشاكل، وهذه الى أحداث، وهذه الى أزمات، وهذه الى قضايا، وهذه الى مآزق، والمأزق العابر الى زائر مقيم؟!.
الواقع هو كذلك، فالحق يقال إننا، على ما يبدو، تلاحقنا لعناتٌ مزمنة ليس منها خلاص.
وفي تقديرنا أن اللعنة الكبرى لحقتنا في العقود الأخيرة بـ «فضل» اللهاث وراء السلطة ليس من أجل الخدمة والخير العام، إنما من أجل المنافع الآنية لأصحاب النفوس الدنيئة الذين ابتُلينا بهم منذ أن آلت الأمور في لبنان الى حكم الميليشياويين الذين تمادوا في الفساد والارتكابات والموبقات كلها، وفي الارتهان الى الأجنبي، القريب والبعيد، الشقيق والعدو… من أجل منصب هنا ومكسب هناك… ودفعوا ثمن ارتكاباتهم ماء الوجه والكرامة والشرف والأعراض أحياناً غير قليلة…
والأخطر من ذلك أن هذه النماذج الساقطة، التي تحكمت في شؤون البلاد والعباد فرضت علينا ثقافة فريدة تقوم على المعادلة الآتية: من ليس فاسداً أو مرتكباً أو متواطئاً على وطنه وشعبه وأهله إنما هو حمار.
ومع هكذا نماذج من الذين تناوبوا على المسؤولية سقط لبنان الذي كان قبل الحرب، وهم غير معنيين بفروض وواجبات الإنقاذ، والعكس صحيح لأنهم ينمون على حساب لبنان، ويسرحون ويمرحون في مأساته.
ولن تقوم لهذا اللبنان قيامة ما لم «يتقاعد هؤلاء» الذين يصح فيهم القول المأثور إنهم «شابوا وما تابوا». ولن يتوبوا ما دام هذا الشعب خانعاً صاغراً. يعرف عيوبهم وارتكاباتهم ومع ذلك يتدافع عنهم بالغريزة، ويهتف لهم أنه يفديهم بالروح والدم!
وبراڤو أيها الشعب التعس، المعمق تعاسته بإرادته المخدرة والمشلولة.
khalilelkhoury@elshark.com
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.