شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – متى يتوقف شلال الدم الذي تنزفه شرايين غزة؟

الأرقام في غزة مخيفة، والإجرام مهول. حتى في أبشع الأيام الأولى لهذه المجزرة الرهيبة لم يكن النزيف الدموي سيّالاً بالقدر الذي نعاينه في هذه الأيام، وكأن أشداق نتنياهو لم يشبعها بعد قتل الآلاف من الأبرياء، ولم يروها هذا القدْر الفاجر من الدماء الطهور. إنه زمن الوحش في جسم إنسان بل الوحوش الكاسرة (من أقربين وأبعدين) يتفرّجون على مجزرة العصر من أن دون أن يرف لهم جفن. ولو كان الشهداء الأبرار الذين يسقطون في غزة من غير البشر لكانوا أقاموا القيامة ولم يوقفوها، ولكن أمام هول المأساة البشرية يكتفي الأكثر حماسةً واندفاعاً بينهم ببضع كلمات انتقادٍ خجولة، ومَن يذهب بعيداً يزيد بضعة أسطرٍ تنديداً.

منذ بضعة أسابيع والمحصّلة اليومية لشهداء غزة  تراوح بين 105 شهداء و 120 شهيداً كل أربع وعشرين ساعة، ناهيك بمئات المصابين. والأشد بشاعة أن نحو نصف هؤلاء الضحايا الأبرياء يقعون وهم في انتظار المساعدات الإنسانية التي تصلهم بالقطارة! والأنكى من ذلك أن الوزير المجرم بن غفير يرفع عقيرته مطالباً بوقف هذه المساعدات لأن إدخالها الى غزة هو «عار»! أإلى هذا الحد يمكن أن يصل الظلم والوحشية في بعض مَن يلبس جلد إنسان؟

في هذا الوقت لم يعد خافياً على أحد أن سفاح العصر بنيامين نتنياهو يريد أن يكسب الوقت مراراً وتكراراً، بمواصلة تمديد حربه على غزة، واختراع حروب سواها إذا تمكّن (كما فعل في حربه على إيران) من أجل استمراره في السلطة، متهرّباً من مواجهة حكم القضاء وهو المدّعَى عليه بسلسلة قضايا جنائية، كالرشوة وخيانة الأمانة والفساد، ويلقى دعماً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أيّده، أمس، في مطالبته بتأجيل مثوله أمام القضاء.

ولم يكتفِ رئيس حكومة العدو بغزة، فقد ضاعف مسار تنفيذ مخططه لتهجير أهالي بلدات وقرى عديدة في الضفة الغربية المحتلة بهجمات يشنها جيش الاحتلال حيناً وجماعة المستوطنين الصهاينة حيناً آخر، والإثنان معاً في أحيانٍ كثيرة، وتهجير الأهالي الأصليين في ما وصفته منظمة حقوق الإنسان الأممية بأنه «ترحيل قسري»، ما دفع بوزير خارجية إسبانيا الى انتقاد الاتحاد الأوروبي بقوله: «إننا نتعامل بمعايير مختلفة مع إسرائيل وغزة». ويبدو أن دور الضفة والقدس الشرقية آتٍ بعد غزة من دون ريب،  ذلك أننا في عالم اللاعدالة والظلم، وعجز الأقربين، كي لا نستخدم تعبيراً آخر!

khalilelkhoury@elshark.com