شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – مشروع الفجوة المالية في بلد الغرائب والعجائب

33

لماذا نحن، في لبنان، «غير شكل» عن غيرنا في مختلف أنحاء العالم تقريباً؟ السؤال يطرح ذاته في مسالك حياتنا كلها، إذ بات من النادر أن نلتقي، أو نتقاطع، أو نتوافق على أي من الأمور، سيان أكانت جوهرية أم حتى ثانوية. الأمثلة على ما تقدم كثيرة، ليس من مجال لتعدادها، فقط نكتفي بمشروع القانون الذي رمت الحكومةُ مجلسَ النواب به، وكأنها تتصرف على طريقة «اللهم فاشهد إني قد بلّغت». أي: نحن، في هذه الحكومة المصون، قمنا بواجبنا على أكمل وجه. أنجزنا مشروعاً ينتظره اللبنانيون منذ ست سنوات على الأقل… ولكن إقراره قانوناً خارج عن إرادتنا، إذ هو من صلاحيات مجلس النواب.

رئيس «سيد نفسه»، الرئيس نبيه بري تلقف الهدية – القنبلة، بموقف حازم: هكذا مشروع يجب ألّا يمر لأن الهدف منه القضاء على ما تبقى من أموال المودعين. معه حق رئيس «النيابي»، ولكن ثمة مفارقة في بلد الغرائب والعجائب. فالرئيس بري هو رئيس كتلة نيابية عريضة من أبرز أعضائها وزير المال والموازنة ياسين جابر الذي خاض رئيس المجلس معركة مشهودة من أجل إسناد حقيبتها إليه. والمفارقة أن مشروع الفجوة المالية ليس فقط إنه يحمل توقيع الوزير، بل يذهب بعيداً في تعداد محاسنه. وهذا تناقض يتعذر تبريره، لا سيما أن الوزيرة تمارا الزين التي سماها بري  في الحكومة قد عارضت المشروع. فهل مَن يوضح؟!.

ثم تأتيك مواقف الثمانية وزراء الآخرين الذين عارضوا المشروع. وإذا كانت هذه المعارضة، من داخل، مفهومة، فغير المفهوم أن يبقى هؤلاء الوزراء المعارضون في داخل الحكومة، علماً أن المشروع مدار البحث يمكن تصنيفه بأنه «بالغ الأهمية»، ولعلنا نذهب الى حد الأخذ بقول الذين يصرون على أنه مشروع سيادي، لأنه يتناول مسألة حقوق الناس في أموالها وجنى أعمارها ولقمة عيش الشريحة الأكبر من الناس.

نحن لا نريد أن ندّعي معرفة الخبراء في الشأن المالي، ولكننا نزعم أننا على خبرة في الشأن السياسي و…الانتخابي تحديداً، وهذا الشأن هو الذي يضغط على رهط من الوزراء الذين ينهجون على المثَل الشعبي السائر: «ببكي وبروح»، أي نعارض المشروع ولكننا لا نغادر الحكومة. وهذا «تكتيك» قديم ولم يعد يجوز على أحد من الناخبين. ونسوق هذا الكلام في رسم وزراء القوات والكتائب الذين يلعبون على حبل بيع المواقف التي يظنون أنهم يداهنون بها الرأي العام باللعب على المشاعر… وكما قلنا آنفاً: هذا الكلام لم يعد يجوز على أحد. ونضيف: حتى على السُذَّج.

khalilelkhoury@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.