شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – نوستالجيا الزمن الجميل بين مدمِنَي عشقه
تلقيت من النسيب العزيز الشيخ سيمون آدم الرسالة الآتية من أقاصي أميركا الشمالية، من كندا، حيث استوطن ليبقى قلبه وفكره وأحاسيسه مقيمة في لبنان. فقد كتب يقول:
شيخنا… والفتى…
هذه فقط للاطمئنان… فبعد كل طول غياب، لا بد لي من الاستفسار عن أحوال من سكنوا في قلبي، منذ نبضته الأولى، وأنت أولهم، راجياً أن تكون رياح القدر، ما زالت تجري، كما تبغي مراكبك، و آملاً أن يستمر(شروق) شمسك، طويلاً… طويلاً…
فيجعل ( الغروب)، ينتظر، أطول… وأطول…
مبارح كنا ولاد زغار… نلعب باللاقوط… ونركض ورا بصبوص بو فعالي…
ونعمل الكزدار، عالمزار، كل ليلة من عشية…
واليوم… صرنا ولاد كبار… واليوم فينا نقول… صرنا ختيارية…
لكن، يا عزيزي، بعد ما خلصت الخبرية…
ومتل ما قال( الابن)، بهاك الأمسية الشعرية، عن الدني، ونهفاتها، وغدراتها…
ما في طلعة، بدون نزلة قبالها
وهيدي الدني بطلعاتها، ونزلاتها…
لكن الزنبقة، بتبقى زنبقة…
مهما الرياح تهر من ورقاتها…
أما انا فأجبته بالكلمات الآتية:
أبا السيم الغالي
ما إن تُنسّم عليّ أي نسمة منك حتى أراني وقد تجاذبني شعوران فإذا أنا بين زهوة ذلك الزمن الجميل وحرقة الحنين إليه، فتستبدّ بي سرحة كلمحة طرفٍ، لأستيقظ على واقع وطنٍ كان، ذات يومٍ، زينة البلدان، ولست مبالغاً، وأنا مَن دار في الزوايا الأربع من المعمورة، وقاربَ البلدان والأمصار، فلم يجد بينها واحداً يجاري ذلك «الأزعر» الرائع الذي اسمه لبنان.(لبنان الذي كان). فأستيقظ على كابوس هذا اللبنان الذي حولوه الى مسخ.
فيا أبا السيم، لم يعد مهمّاً ولا هو همٌ «ليت الشباب يعود يوماً»، بل الأكثر أهمية: ليت لبنان يعود يوماً، وليت بيروت تعود يوماً، وليت الصحافة تعود يوماً… ففي غياب تلك كلها أنا يتيم ليس فقط لأن الشيخ والقديسة قد رحلا، من زمان، الى دنيا الحق (ألا رحم الله والديك «الأمين» ملك الظرف والحكمة ، و «النزيهة» سيدة الذوق والأناقة)، بل لأن لبنان (الذي كان) هو أيضاً والدي. وبيروت، (التي كانت) هي كذلك أمي. أما الصحافة (التي كانت) فهي ملعبي ومسرحي ومحققة أحلامي.
أبا السيم، أسهبتُ، إلّا أن الشوق أطول مدىً، والحنين أعمق جرحاً.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.