شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – هل من أمل في قيام دولة؟
انطلاقاً مما نعانيه من أزمات خانقة في هذه الأيام الصعبة، وبعد هذه العقود الطويلة على انطلاق دولة لبنان الكبير وقيام دولة الاستقلال يطرح السؤال ذاته: أين كنا وأين أصبحنا؟ ولسنا في وارد تعداد وقائع الإنهيار السريع الذي ميز حقبة ما بعد الاستقلال والجلاء في نواحي الحياة كلها في هذا البلد المنكوب، لا سيما في مرحلة ما بعد الحرب، في السياسة والمال والاقتصاد والتربية والأدب والتعليم والسياحة الخ… وفي سائر مقومات الحياة اللبنانية من دون استثناء. وأيضاً في القامات السياسية والفكرية وحتى الدينية.
والموجع أننا نهرول في الهبوط السريع والتدحرج من هاوية الى أخرى أكثر عمقاً من دون أن نستشرف مجرد فكرة، لاحتمال وقف الانهيارات الشاملة، نقول وقفها عند حد ما، ولا يبلغ بنا التفاؤل أن نتحدث، بعد، عن الخروج منها، إذ ليس ثمة أمل، ومن أسف ليس من مجرد بصيص أمل.
في هذا السياق نستحضر ما كان يراه الرئيس الراحل المرحوم إميل إده، الذي كان رؤيوياً الى حد أنه كان يطالب باستمرار الانتداب الفرنسي بضع سنوات إضافية، لأنه استشعر ما سيكون عليه المستقبل إذا لم نتمرس بمفاهيم الاستقلال والديموقراطية فهماً عميقاً واعياً… ولقد حذّر من أن التسرع في الخطوة الاستقلالية من دون استيعاب أبعادها ومعانيها الحقيقية، ومن دون الاستعداد المتأني لها، وفي ضوء الواقع اللبناني، كان يرى أن لبنان مقبل على خضات كبيرة واقتتال داخلي، واضطرابات كل عشر أو خمس عشرة سنة.
ظلموا إميل إده كثيراً، ووجهوا إليه اتهامات ساقطة بالتأكيد، وأساءوا إليه أكثر، واتخذوا في حقه إجراءات حاقدة… ولكن التاريخ أنصفه. وحاضرنا اليوم ينصفه، ونحن ننام على خضة لنستيقظ على خضات، ومن أسف أنها، كلها، ذات طابع مصيري.
الآن، في هذه الحقبة شديدة الحساسية، كم نحن في حاجة الى رجال على مثال أولئك الرجال المميّزين، سواء أكان إميل إده أو معاصروه من ذلك الرعيل من السياسيين الكبار، والمفكرين الكبار، والقضاة الكبار، وحتى الشعراء الكبار، ورجال الدين الكبار(…) أقلّه لنستمع الى كلمة سواء. ولكنّ للزمن الرديء أحكاماً وقواعدَ وسياسيين وسائر أدوات الرداءة!
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.