شروق وغروب – بقلم خليل الخوري – وطن يمشي حافياً على حدّ السيف

3

نحن، اللبنانيين، بتنا نحسد معظم بلدان العالم في الزوايا الأربع من هذه المعمورة. نحسد كبيرها والصغير، غنيّها والفقير، المتمتع برغد العيش والغارق في «التعتير». وطننا الذي كان زينة بلدان الإقليم والمنطقة والشرق الأدنى وحتى الشرق الأوسط بات في ذيل القائمة، وإذا كان متقدماً ومتصدراً في أمر ما فهو يترأس لوائح البلدان الأكثر تعاسة… وهذه ليست من عندياتنا إنما مصدرها الدراسات والإحصاءات ذات الصدقية العالمية الموثوقة، والتي هي في متناول كل مٓن يشاء أن يطلع عليها.

ولقد يكون (وهو كذلك) ثمة بلدان فقيرة وفيها شقاء وتعب ومعاناة، إلا أنها تنعم، على الأقل، بأن شعوبها ليست تعيش الهواجس المصيرية كما نحن نعيشها. فشعبنا ينام على تلويح بالفتنة ليستيقظ على كلام عن الحرب الأهلية يطرق بابه. وما أن ينتهي من سماع هذه الاسطوانة حتى يزعق في وجهه قرع طبول الحرب الخ…

وهذا الشعب لوّعته التجارب وطوعته الويلات والمآسي، لذلك بات يصدق ويخاف ويحسب بعدئذ ألف حساب وحساب، وهو لا يملك أي وسيلة وقاية من الآتي الأعظم الذي هو كلّه من الخطر والأشد خطورة.

منذ ما يسمى بثورة العام ١٩٥٨ وحتى اليوم لم تتوقف الأحداث الأليمة والتطورات الموجعة والمآسي المتتالية. ولا شك في أن اللبنانيين شعب جبار يخلق من الضعف قوة ويبتكر (من شبه اللاشيء) مقومات الحياة.

لكن مرحلة ما بعد الحرب التي استمرت خمسة عشر عاماً كما يقولون ولكنها لم تنته بعد كما نرى شخصياً، يرافقنا القلق وينام في فراشنا ويأكل معنا في الصحن… بدليل أننا نواجه كل يوم مصيبة جديدة، لأن الميليشيات التي أدارت البلد في العقود الأخيرة نجحت في أمر واحد لا غير، وهو تحويل كل موضوع الى قضية وكل قضية الى أزمة وكل أزمة الى مأزق، فتراكمت المآزق من دون التوصل الى حلول، توازياً مع فساد خرافي وإثراء غير مشروع، وفي المقابل سرقة أموال الناس وتطويع الناس وقهر الناس… حتى بات هؤلاء الذين يتحكمون بالبلاد والعباد مضرب مثل في العالم كله لشدة جوعهم الى السرقة  والنهب وسائر «المكرمات».

وبعد أيام قليلة مقبلة تُعقد جلسة لمجلس الوزراء يترقبها اللبنانيون وهم يضعون أيديهم على قلوبهم خوفاً من مجرياتها والنتائج… وعكساً عن بلدان العالم كله فإن أي نتيجة ستكون تداعياتها مصيرية سواء أياً سيكون القرار حول السلاح…

khalilelkhoury@elshark.com

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.